تقرير جولدستون إلى أين؟

مصادقة مجلس حقـوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تقرير جولدستون حول جرائم الحرب الإسرائيلية خطوة إلى الأمام قد لا تكون كافية بحد ذاتها أو بالنتائج التي ستترتب عليها.
صحيح أن الأغلبية العددية في مجلس حقوق الإنسان كانت مريحة، 25 دولة موافقة و6 دول رافضة و11 دولة ممتنعة عن التصويت. ولكن إسرائيل تشير إلى أن القوى ذات الوزن الدولي إما أنها رفضت التقرير (أميركا) أو امتنعت عن التصويت أو غابت عنه (الاتحاد الأوروبي) في حين أن معظم الموافقات جاءت من بلدان العالم الثالث وبعضها هامشية (جيبوتي)، وبعضها الآخر ليس من الدول التي تحظى حقوق الإنسان فيها بالاحترام.
الدول التي اعترضت على قرار المجلس لم تفعل ذلك لأن التقرير منحاز أو غير موضوعي، بل لاعتبارات سياسية، فأميركا ملتزمة بإسرائيل بالحق وبالباطل. وأوروبا ما تزال تعاني من عقدة اضطهاد اليهود ولا ترغب في أخذ مواقف حادة ضد إسرائيل.
لم يعد مسار التقرير يعتمد بعد الآن على إرادة السلطة الفلسـطينية التي كانت قد قبلت التأجيل في بداية الأمر، خوفا من الفيتو الأميركي الذي سيقتل التقرير، ولإبقائه حيا كسيف مسلط على رقاب المسؤولين الإسرائيليين لمدة أطول، واحتمال نقله مباشرة إلى محكمة الجنايات الدولية.
القرار الآن بعهدة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي ؟يخشى أن يحوله بسرعة إلى مجلس الأمن الدولي حيث تعهد مندوب أميركا بأنه سيعلنه ميتا بمجرد الوصول.
ما يهم الآن أن يتم تحويل التقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي الحقيقي ولا تملك إسرائيل فيها أصدقاء كثرا، أو مباشرة إلى محكمة الجنايات الدولية، وليس إلى مجلس الأمن حيث الفيتو بالمرصاد.
الإدارة الأميركية ليست سعيدة بسلوك إسرائيل والعقبات التي تضعها في وجه خطة أوباما لتحريك مفاوضات الوضع النهائي، ويرجح أنها تريد مقايضة الفيتو بتنازلات إسرائيلية، بحيث يمكن استئناف المفاوضات في ظل شكل من أشكال تجميد الاستيطان.
تمر الدبلوماسية الإسرائيلية الآن بأسوأ أوقاتها، فمجلس حقوق الإنسان أدانها، وعلاقتها مع أميركا متوترة، وتركيا تدير لها ظهرها، والاعتدال العربي تخلى عن اعتداله في رفض سلوكها العدواني، ووزير خارجيتها مرفوض عالميا كعنصري. وهذا وقت مناسب لتسديد الضربات الموجعة كي لا يفلت مجرمو الحرب من العقاب.