لقاء الملك مع ابناء الكرك... ملاحظات اساسية

ضاع وقت ثمين كان يمكن الاستفادة منه لادارة حوار منتج وعملي خلال لقاء جلالة الملك ممثلي الفعاليات الرسمية والشعبية في محافظة الكرك.
لم يأت الملك الى الكرك ليسمع خُطبا رنانة عن الولاء والانتماء و»تجديد البيعة« فتلك بدهيات وطنية وثوابت دستورية حسم الاردنيون أمرها قبل تسعة عقود. الملك زار الكرك ويزور المحافظات الاخرى باستمرار ليرصد المشهد التنموي العام ويطلع عن كثب على الاحتياجات الكلية للمواطنين ومدى التقدم الذي تحقق في المشاريع التنموية والخدمية وأوجه التقصير في الاداء الحكومي. وهذه اللقاءات مناسبة ايضا للتأشير على التحديات التي تواجه بلادنا لان المواطنين في المحافظات جزء من المملكة ومعنيون مثل اهل عمان بالهموم السياسية والتحديات الاقليمية والازمة الاقتصادية وتداعياتها على الموازنة العامة.
الحديث في قضايا المحافظة واحتياجاتها امام الملك ينبغي ان لا يغرق في التفاصيل الصغيرة التي يمكن معالجتها مع رؤساء اقسام في مديريات المحافظة.
صحيح ان الكرك مثل محافظات اخرى تعاني من مشكلتي البطالة والفقر وتحتاج الى افكار خلاقة لتطوير مرافقها الخدمية ولأهلها طموحات كبيرة ويتطلعون للمستقبل وفي بالهم تحقيق اهداف كثيرة, لكنهم ايضا واقعيون ويعرفون ان الامكانيات محدودة والموارد شحيحة, ويمكن للأزمات الداخلية والخارجية المفاجئة ان تقلب الاولويات وتؤجل تنفيذ المشاريع. ولان الناس في الكرك بهذه السوية الوطنية العالية فمن الصعب ان تمر عليهم »الافلام التنموية« او ان تبهرهم شاشات العرض التي ترسم مشاهد افتراضية »تسوي من البحر مقاثي« كما يقول المثل الدارج في الكرك.
لقد حذر كثيرون مرارا من ان رفع سقف التوقعات لدى المواطنين ينعكس بشكل سلبي على علاقتهم بالدولة وثقتهم بالمؤسسات وكنا نعتقد ان اسلوب »الفهلوة« هذا انتهى بعد ان انكشف زيفه امام الجميع الا انه وللأسف ما زال موجودا.
بعض المتحدثين في حضرة جلالة الملك التقطوا الفرصة المتاحة وقدموا مدخلات مفيدة للغاية أثارت اهتمام جلالته لعل ابرزها كلمة رئيس فرع اتحاد المزارعين في الكرك السيد عصمت المجالي الذي طرح بشكل مكثف مطالب المزارعين ووجه انتقادات حقيقية مدعمة بالادلة لسياسات الحكومة الزراعية وقال بالحرف الواحد »ان عام الزراعة صار معكوسا« وان الوثيقة الزراعية لعام 2009 ما هي الا نسخة من الاستراتيجية الزراعية التي أُعدت عام .2002 كما كانت مداخلة رئيس بلدية القصر منير المجالي الذي تحدث نيابة عن رؤساء بلديات المحافظة موفقة وتناولت على نحو عملي مطالب البلديات وهمومها. وكان بالإمكان اختصار عدد المتحدثين ال¯ 12 الى النصف او اكثر ودمج بعض الكلمات والاستغناء عن اخرى.
العديد من القضايا التي طرحت كان بوسع المسؤولين الحكوميين الذين رافقوا الملك في الزيارة ان يردوا عليها فورا الا انهم اكتفوا بالاستماع.
جلالة الملك في نهاية اللقاء وعد ابناء المحافظة بدراسة مطالبهم ومشاكلهم مع رئيس الوزراء نهاية الاسبوع, ولان هناك قضايا فرعية كثيرة فعلى المسؤولين المحليين والوزراء المعنيين المسارعة الى عقد اجتماعات لدراستها وحلها فهي لا تحتاج لبحث على مستوى عال. فيما القضايا الكبرى تبقى موضوعا للبحث بين جلالته ورئيس وزرائه.
بقي ان أشير الى ملاحظة اخيرة وهي ان غياب ممثلي الفعاليات الحزبية والنقابية عن اللقاء المصغر لم يكن مبررا, فالكرك مدينة مسيسة بامتياز وممثلو تلك الفعاليات منغمسون في الهم اليومي للمحافظة وبوسعهم الى جانب نواب المحافظة ووجهائها وشيوخها المحترمين ان يساهموا في تقديم حلول للمشاكل القائمة.0