"قانون" الأعشاب الطبية

أوعزت الحكومة الى الفضائيات الأردنية ان تتوقف عن بث البرامج
التي تروج للتداوي بالأعشاب، وإلا فإنها ستتعرض للعقوبة، وهنا
تشعر الحكومة أنها بلغت الرسالة وحلت المشكلة، لكنها تعلم ان
الفضائيات الاردنية الرسمية والشعبية ليست هي وجهة نظر المشاهد
الاردني وأن نسب مشاهدتها لا تكاد تذكر قياسا لمئات الفضائيات
المتناثرة في بيوتنا جميعا.
لكن الإجراء الحكومي المحدود اعتراف منها ان التداوي بالأعشاب
والترويج له مخالف للقانون، لكنها وجدت الحل في كتاب ورقي الى
فضائيات داخل الاردن، لكن الامر لا ينتهي هنا ما دامت الحكومة
ترى ان التداوي بالأعشاب مخالفة للقانون لأن هنالك الكتب في
الأسواق، وهنالك ما هو اهم وهو ثقافتنا جميعا ليس في الأردن بل
في دول عربية عديدة وكثيرة.
وهنا لا بد من معالجة جادة وحقيقية تشارك فيها جهات طبية
وإعلامية ومدارس وجامعات وحكومة وتشريعات، لكن قبل المعالجة
علينا ان نصل الى رأي علمي موضوعي وموثوق يحدد ان كان اللجوء الى
التداوي بالأعشاب ضارا وله آثار صحية سلبية، وهل يدخل في اطار
الدجل ام هو لجوء الى مواد طبيعية ان لم تنفع المريض لا تضره،
وما هي نسبة الذين يتعاملون مع الأعشاب كدواء للأمراض الصعبة
والمستعصية بديلا عن الادوية والعلاج لدى الاطباء، وما هي نسبة
الذين يلجؤون للأعشاب كعلاج مرافق او علاج للأمراض العادية
البسيطة وهل تقبل الجهات العلمية بعض تلك البرامج وترفض بعضها؟
أسئلة كثيرة يجب ان نمتلك الاجابة عنها جميعا لنحدد حجم المشكلة
ان كانت موجودة وهل هي مؤثرة على صحة المواطن ام هي ظاهرة
اجتماعية، وهذه الاجابات يجب ان تتم عبر دراسة علمية موثوقة غير
خاضعة لأي مصالح او امزجة، أي المطلوب ان نحدد ان كان التداوي
بالأعشاب مشكلة، وإذا اتفقنا على هذا برأي علمي فنحدد حجمها
وجوانبها، ثم نذهب الى معالجة ما تجب معالجته وما يشكل ضررا، فهل
الخطورة من اعشاب نستعملها عبر الاجيال مثل الميرامية والبابونج
والحلبة .....، ام الخطورة في خلطات من اعشاب معلومة تستعمل
ادوية مرافقة لأدوية الاطباء، ام الخطورة في خلطات غير معلومة
ويتم استغلال لهفة المريض او اهله ورغبتهم في البحث عن أي امل؟
فإذا وصلنا الى قناعة فإن البحث عن الحلول ينبغي ان يراعي ثقافة
المجتمع التي هي الاصل والسبب، وأن نبحث عن حلول مجدية، فإذا
كانت الحكومة مقتنعة أن التداوي بالأعشاب خطير على الناس فلا يجب
ان تكتفي بتعميم على الفضائيات المحلية القليلة، ويفترض ان نبحث
عن حلول ناجعة لتعامل الأردنيين مع أطباء الفضائيات والوصفات
التي تأتي عبر البريد بأشكاله والأسعار التي نسمع عنها
ملف التداوي بالأعشاب ليس سهلا ويفترض ان نتعامل معه بشمول
وتفاصيل كاملة، تبدأ من الاعشاب البسيطة حتى تجارة الوصفات أما
الأحكام العامة فإنها لن تقنع المواطن لأن الامر ثقافة وتوجيه
ومعلومات وإجراءات وليس "زعلا" من بعض برامج الاعشاب والتداوي
بها، فلن نقنع إنسانا ان الجعدة او الميرامية ليست مفيدة للمغص
وآلام البطن لكننا قادرون على اثبات عدم جدوى وصفات بمئات
الدولارات لعلاج السرطان او غيره، فالمهم هو التعامل العلمي
الشامل مع هذا الملف.