شراء المقاومة ... اوباما على هدي بوش

قبل ايام وقع الرئيس الامريكي على قرار يسمح للبنتاغون بصرف مليار و 200 مليون دولار من اجل شراء ولاء رجال القبائل الافغانية, وفي تعليق على خلفية هذا القرار ذكر انه محاولة لتكرار ما فعله بوش بنجاح في العراق حيث تم انقاذ الجيش الامريكي من هزيمة محققة, وذلك عندما تم خلق بيئات معادية للمقاومة بين السكان.
والسؤال: هل ينجح اوباما بشراء المقاومة في افغانستان?
هناك فرق بين واقع الاحتلال في العراق عنه في افغانستان. لان الاخيرة لم تمر, منذ غزو القوات الامريكية, بحرب طائفية وما يشبه الحرب الاهلية. كان واضحا منذ البداية الاعتماد الكلي لحكومة كرزاي على القوة الامريكية والدولية. فيما تعرّض العراق الى احتلالين, واحد ظاهر, وآخر ايراني باطني. وفي صراع (الاحتلالين) نفذ الامريكيون الى ساحة المقاومة للعب على التناقضات واستثمارها من اجل خلق قناعات, بان التعاون معهم يحقق الامن والحماية من الحرب الاهلية, ومن النفوذ الايراني واتباعه.
غير ان شراء المقاومة, اصبح امرا ممكنا, في اكثر من مكان, والمثال ما حدث في الصومال, فحركة الشباب, التي قادها الشيخ شريف للاستيلاء على معظم البلاد قبل الغزو الاثيوبي لمقاديشو واسقاط حكومته, كانت تحاكي حركة طالبان الافغانية »حركة الطلاب المسلمين« لكنها ما لبثت بعد الاحتلال الاثيوبي ان استعانت بالنفوذ والمال الامريكي لاسترداد السلطة, ولاخراج الاثيوبيين من البلاد.
ان اكبر الاخطاء التي ارتكبتها المقاومة, في العراق, وترتكبها المقاومة الافغانية الان, هي عجزهما عن حماية المواطنين من الهجمات الارهابية التي تحصد المواطنين الابرياء, اطفالا ونساءً ورجالا, فعندما تعجز المقاومة عن حماية شعبها فان احتضان الشعب لها يصبح امرا صعبا, وهو ما يسمح لقوة الاحتلال التغلغل بين الناس واللعب على مشكلة فقدان الامن.
الجانب الآخر, من قرار اوباما المذكور, هو اكثر اهمية لانه يظهر ان الرئيس المثقف والحالم, بدأ ينزل بسرعة الى واقع السياسة الامريكية واخلاقياتها السيئة والسلبية.
لقد رفع اوباما شعار مواصلة الحرب في افغانستان اثناء حملته الانتخابية, من اجل كسر حدة هجوم منافسه مكين الذي رفع »شعار الامن القومي«, لكن ثبت بان المشكلة الافغانية, لا تقل اهمية, على اجندة التغيير المطلوب في السياسة الخارجية الامريكية عن المشكلة العراقية.
الواقع ان اوباما بات منغمسا في الحرب على الارهاب اكثر من بوش, واذا كانت استطلاعات الرأي قبل انتخابه, تؤكد بان ادارة سلفه قد خسرت الحرب على الارهاب, فان افغانستان جزء من هذه الحرب, وغرقه فيها يعني انه ممعن في خوض غمار حرب خاسرة.
ثم ان اوباما, استهل عهده بخطاب جامعة القاهرة الشهير الذي مدّ فيه يده الى الاسلام والمسلمين, وكأن افغانستان, وتقرير غولدستون (الذي عارضه) وحصار غزة المستمر, وتهويد القدس, والاعتداء على الاقصى من قبل شريكته الاستراتيجية اسرائيل ليست قضايا إسلامية جوهرية واساسية!.
من المعروف ان معظم الامريكيين, وفق استطلاعات الرأي يحملون نظرة سلبية تجاه الاسلام. واعتقد ان سياسات اوباما العائدة الى حضن المحافظين الجدد تجاه الاسلام والمسلمين تتناقض مع ما جاء في خطابه بالقاهرة, وكان عليه ان ينهي تورط امريكا المتزايد في استخدام القوة العسكرية في الدول العربية والاسلامية بما لا يتناسب مع الواقع.