15 سنة من المعاهدة

تتحرك الحكومات في العادة لدفع الضرر، حيث تجد نفسها أمام خيارين، أحدهما سيئ والثاني أسوأ، فتختار السييء، وتقوم المعارضة بانتقاد الحكومة لأنها أخذت قرارا سيئا، وهي تدرك أن البديل أسوأ.
ينطبق هذا على معاهدة السلام مع إسرائيل ، فإذا كانت سيئة لأن سلوك إسرائيل لا يستحق السلام والاعتراف فإن غيابها أسوأ.
من أسهل الأمور انتقاد الصلح مع إسرائيل، حتى وإن كان جميع العرب يسعون لمثله بمفاوضات غير مباشرة أو مباشرة، ابتداء بمصر والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وانتهاء بسوريا والمبادرة العربية. إذا كانت المعاهدة لا تضمن سلام الأردن من عدوان إسرائيلي، فهل يضمنه إلغاء المعاهدة والعودة إلى حالة الحرب؟ وإذا كانت المعاهدة لم تنجح في تغيير سلوك إسرائيل في الأراضي المحتلة فهل تقع المسؤولية على المعاهدة؟.
وإذا كان اليمين الإسرائيلي لا يريد السلام، ويعتبر المعاهدة عقبة في وجه مخططاته التوسعية، وكان قد قتل رابين لأنه وقعها، فهل نسهل مهمة اليمين الإسرائيلي بإزالة هذه العقبة عن طريقه.
الأردن يرتبط بإسرائيل بأطول حدود، فهل تكمن مصلحته بأن تكون هذه الحدود حدودا دولية معترفا بها ومسجلة لدى الأمم المتحدة، أم خطوط وقف إطلاق النار القابلة للتحرك باتجاهنا.
15 سنة من المعاهدة دلت على أنها قابلة للصمود، فلم تستطع إسرائيل أن تتنكر لها ، وإذا كان سلوكها سيئا في الضفة والقطاع فإن المعاهدة لم تضمن هذا السلوك، فهي معاهدة بين الأردن وإسرائيل، وليست بين جميع الدول العربية وإسرائيل، وإن قصد بها أن تكون خطوة بهذا الاتجاه.
إذا كانت إسرائيل دولة توسعية، وكانت حدودها تتحدد بوصول دباباتها، فهل من مصلحة جارها أن يطلق يدها في التحرك طالما أن إلغاء المعاهدة يعتبر بمثابة إعلان حالة حرب غير متكافئة.
هل يريدنا البعض أن نعتمد في سلامتنا على ميزان القوى المختل، أم على التضامن العربي المفقود، أم على المجتمع الدولي الذي رأينا دوره في حماية العراق من العدوان؟.
عندما يتعلق الأمر بأمن الأردن وسلامة أراضيه ومصلحته الوطنية العليا، فإن القرار لا يكون لغير أم الولد، ولو كانت تولول بصوت عال.