خيبة الامل الاردنية

التصريحات »الدبلوماسية« لوزير الخارجية ناصر جودة عن »فرصة السلام المتاحة« لا تحجب حالة التشاؤم الاردني حيال حقيقة الوضع القائم وخيبة الامل من الانقلاب في الموقف الامريكي. فبعد ان حلّق أوباما بالعرب الى الاعلى عاد ورمى بهم ارضا على نحو مفاجئ.
ما كان يحذر منه الملك عبدالله الثاني قبل اشهر يحصل الآن. الملك وفي احدى مقابلاته الصحافية قال ما معناه ان الشارع العربي سيصاب بخيبة امل اذا لم يترجم الرئيس الامريكي باراك أوباما وعوده بالسلام العادل, وستفقد امريكا مصداقيتها عند الرأي العام العربي. وفي مناسبات لاحقة قال اننا لسنا بحاجة الى عملية سلام كالتي شهدناها طوال السنوات الماضية وانما الى مفاوضات حقيقية وجادة تؤدي الى سلام عادل وشامل على الجبهات كافة.
لم يحصل ذلك وعلى الارجح لن يحصل في المستقبل المنظور. ولهذا يشعر المسؤولون الاردنيون بالمرارة والاحباط. سلسلة النشاطات الدبلوماسية التي شهدتها عمان اول من امس لم تفض الى شيء, لا بل انها عمّقت الشعور بصعوبة احراز اي تقدم, فحكومة نتنياهو نجحت في اخضاع الادارة الامريكية لبرنامجها, وعكست تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون والمبعوث الرئاسي جورج ميتشل ذلك بوضوح.
الادارة الامريكية لا تستطيع الاعتراف بالفشل وتحاول تبرير موقفها بذرائع غير مقنعة, لكنها في الحقيقة تعود وبشكل تدريجي الى تبني سياسات ادارة بوش السابقة القائمة على مواصلة عملية السلام من دون التوصل الى نتائج وفق برنامج زمني محدد, ولذلك تضغط بقوة على الجانب الفلسطيني والعربي للقبول بالعودة الى طاولة المفاوضات من دون شروط في محاولة لمداراة فشلها وانحيازها الى اسرائيل.
الاردن بخلاف دول عربية اخرى يشعر بوقع الفشل المبكر في جهود السلام. والصدمة التي تلقاها تساوي الصدمة التي تشعر بها السلطة الفلسطينية, لان الطرفين راهنا بشكل كبير على دور »خارق« للادارة الامريكية والرئيس أوباما, وكانا وما يزالان بحاجة الى »معجزة« امريكية تحقق السلام في المنطقة, وساندهما في هذه الرؤية اطراف عربية »معتدلين وممانعين«.
اليوم علينا ان نعترف بالحقيقة ونواجه انفسنا بها; لا سلام في الوقت الراهن وانما مجرد عملية علاقات عامة, علينا ان نبقى قريبين منها, لكن ينبغي ان لا نبدد الوقت والجهد في عملية فارغة ليس بأيدينا تغيير قواعدها. هذا الاستخلاص يرتب على السياسة الخارجية الاردنية مهمات جديدة تتصل بشكل العلاقة مع اسرائيل, كما تستدعي تحركا على المستوى العربي لصياغة مقاربة عربية جديدة بعد تغيير الموقف الامريكي وسقوط الرهانات على بطولات أوباما. فما كان يحذر منه الملك عبدالله الثاني وقع بالفعل فما العمل الآن?.0