مهمة بلير و"الرباعية" .. قصة فشل

وفر مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية فرصة لعدد من المهتمين للقاء مع المستشار السياسي والامني في مكتب ممثل اللجنة الرباعية في فلسطين توني بلير انيس نكرور.
اللقاء كان مكرسا لتقييم تجربة اللجنة وعملها في السنتين الاخيرتين.
الاستخلاصات المتشائمة التي توصل اليها المشاركون في اللقاء ومن بينهم دبلوماسيون وسفراء اوروبيون كانت متطابقة الى حد كبير مع توقعات المحللين السياسيين الاردنيين والعرب منذ ان تسلم رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير المهمة عام 2007 بعد عشرة ايام من سيطرة حركة حماس على مقاليد السلطة في غزة.
اللجنة الرباعية هي ببساطة تجمع لعدة اطراف دولية وتمثل صيغة بديلة لاتفاق اوسلو الذي فشل على الارض. والهدف منها دفع عملية السلام وبنظر القائمين على الصيغة لا يمكن تحقيق نتائج سياسية من دون تحسين الحياة الاقتصادية للفلسطينيين. وفيما امسكت الولايات المتحدة بخيوط العملية السياسية أوكلت الى احد جنرالاتها الاشراف على تأسيس قوة امنية في الضفة الغربية. اما على المسار الاقتصادي فقد تم تعيين رئيس البنك الدولي السابق ولفستون المهمة والذي استقال بدوره وتسلم بلير من بعده المكتب.
كان ذلك مجرد طريق التفافي وكارثي في آن معا لتجاوز الحقائق التي افرزتها الانتخابات التشريعية الفلسطينية واصرار امريكا ومعها اطراف اوروبية بعدم الاعتراف بنتائجها لمجرد ان حركة حماس فازت بها.
كانت مهمة بلير تتلخص في حشد الدعم السياسي للفلسطينيين والتنسيق بين الهيئات الفلسطينية لتطوير الاقتصاد الفلسطيني وبناء القدرات المؤسسية بهدف تحسين مستوى معيشة الناس. بعبارة اخرى كان دور ممثل الرباعية هو ترويض الفلسطينيين للتكيف مع الاحتلال وليس التخلص منه.
بعد سنتين من العمل يشعر القائمون على التجربة بأنهم اخفقوا في جوانب كثيرة ولم يسجلوا سوى نجاح امني محدود في مدينتين فلسطينيتين هما نابلس وجنين. فقد اظهرت التجربة انه لا يمكن بناء اقتصاد فلسطيني بوجود اكثر من 560 حاجزا واحتلال اسرائيلي يحول دون حرية رأس المال ويصادر الثروات الفلسطينية ويواصل سياسة الاستيطان.
اما الوعود الدولية في باريس بمنح الفلسطينيين المليارات تبخرت هي الاخرى ولم يستلموا فلسا واحداً. ويتساءل دبلوماسي مطلع على الوضع ان كان سلام فياض قادرا على تدبير رواتب موظفي السلطة هذا الشهر ام لا.
اليوم يتبدى للجميع ان الاخفاق في تحقيق تقدم على المسار السياسي كان بمثابة حكم بالفشل على تجربة الرباعية التي لم تكن في الأساس سوى حيلة امريكية لاخفاء الفشل السياسي وادامة عملية المفاوضات من دون تحقيق السلام الموعود.
وما لم تجرؤ الدبلوماسية العربية والفلسطينية على قوله اليوم يجاهر به الدبلوماسيون الغربيون بصراحتهم المعهودة. فمن وجهة نظرهم العملية برمتها فشلت و »المجتمع الدولي« مقولة »فارغة«, اما خارطة الطريق فهي »ورقة التوت التي نتغطى بها« على حد تعبير مسؤول دولي بارز شارك في اللقاء.
جميع المشاركين في اللقاء تشاركوا في مشاعر التشاؤم لكن معظمهم ظل متمسكا بخيار الدولتين كسبيل وحيد للحل ينبغي ان لا نفقد الامل به. المفكر السياسي عدنان ابو عودة رمى على طاولة الحوار مقاربة جديدة بدأها بسؤال »اذا كانت الرباعية هي البديل عن فشل اوسلو وخارطة الطريق فما هو البديل عن الرباعية«.
وبادر الى طرح ما يعتقد ان مشروعا محتملا للحل عند اوباما في المستقبل القريب عماده دولة فلسطينية مؤقتة تقود بنفسها مفاوضات ماراثونية لا تنتهي حول قضايا الحل النهائي المؤجلة »القدس« الاستيطان, اللاجئين« وتتولى هذه الدولة التفاوض على حدودها وتصارع من اجل البقاء على غرار الوضع في كشمير.