نهاية رجل أم نهاية مرحلة ؟

تم نشره السبت 07 تشرين الثّاني / نوفمبر 2009 03:50 صباحاً
نهاية رجل أم نهاية مرحلة ؟
عريب الرنتاوي

لم تصعق الدهشة أحدا ، ولم يصب أي منا بالذهول ، فاستقالة الرئيس أو عدم استقالته ، ظلت على مائدة البحث والتداول منذ أن عرفناه في موقع متقدم في سلم القيادة الفلسطينية ، وبالأخص منذ أن حمل لقب أول رئيس للوزراء في فلسطين ، وربما لهذا السبب بالذات ، وفيما يشبه الرد على ظنونا وشكوكنا ، وصف الرئيس خطوته بأنها "لا مساومة ولا مناورة سياسية" ، بل خطوة "عن جد" هذه المرة.

لم تخرج الجماهير الفلسطينية بالملايين إلى الشوارع لتطلب من رئيسها "عدم التنحي" ، ولم تكلف الحركة "العمود الفقري" نفسها عناء تنظيم تحركات جماهيرية مؤثرة لثني الرئيس عن نيته وقراره ، وبصورة تعيد للذاكرة جانبا وإن محدودا ، من المشهد الأكثر شهرة في تاريخنا الشخصي ، في العام 1967 ومن القاهرة بالذات ، عندما شقّت ملايين الحناجر المصرية عنان السماء مطالبة "الريس" المثخن بجراح الهزيمة القاسية ، بعدم التنحي ، ومجددة الالتزام بالكفاح خلف قيادته... كل ما حصل بالأمس ، أن تلفزيون فلسطين الرسمي خصص شريطا لعرض رسائل SMS من أشخاص وعائلات فلسطينية تجدد بيعتها للرئيس ؟،

يبدو أن الجميع سئموا هذا المشهد من مسرحية يجري عرضها منذ سنوات طوال ، يبدو أن الجميع سئم ضعف الرجل وتردده و"حرده" ، حتى واشنطن التي قاتل رئيسها السابق ببسالة للمجيء بمحمود عباس رئيسا للوزراء زمن ياسر عرفات ، سارعت وزيرة خارجيتها بفتح صفحة "مرحلة ما بعد أبو مازن" حين قالت بأنها "ستعمل معه في أي موقع يشغله" ، ولا أدري إن كان ذلك يشمل رئاسة "رابطة محاربي أوسلو القدامى" أو "الجمعية الفلسطينية لأنصار المفاوضات حياة".

ليست نهاية رجل بحال من الأحوال ، بل نهاية حقبة حملت اسم رجل بامتياز ، بعد أن مثلها أخلص تمثيل وعبر عنها بكل جوارحه...هي نهاية مشوار وطريق ونهج ، لن تنفع معه المداورة والمناورة ، ولن تخرجنا من ذيولها المدمرة لعبة تداول الأسماء وتغيير الوجوه وتلبيس الطواقي والأقنعة.

لسنا بحاجة للرئيس عباس ليقول لنا من سيخلفه في موقعه ، أو بالأحرى في مواقعه الوظيفية...نحن بحاجة للرئيس عباس ليخبرنا مرة واحدة فقط ، بأنه حاول وفشل ، وأن خلاص الشعب يكمن في تغيير الطريق وليس في تبديل الرفيق ، نريد أن نرى الرئيس عباس في وقفة مصارحة مع شعبه ، تتخطى شخصه الكريم إلى سياساته وأقواله وأفعاله ورهاناته.

باستثناء إعلان الرغبة في الاستنكاف والتعبير بمرارة عن مشاعر اليأس والإحباط ، لم يقل لنا الرئيس شيئا ، لم يترك لنا ما يمكن تسميته بـ"الوصية السياسية" ، بل انه لم يتردد عن القول بأن رهاناته وخياراته لم تتبدد كليا بعد ، وأبى إلا أن يذكرنا بأن هناك فرصة ما زالت ماثلة ، لإنقاذ حل "الدولتين" ، فإن كان الحال كذلك لماذا تستعجل الرحيل ياسيادة الرئيس ، لماذا لا تبقى في موقعك ، أقله لاستنفاد آخر الفرص ، وأنت الذي لم تتوان عن مطاردة كل فرصة أو طيف فرصة.

هل هناك فرصة حقا ، أم هي المكابرة والخشية من إعلان الفشل والاعتراف به ؟ هل هناك فرصة أم هي محاولة أخيرة لترك الباب مفتوحا "للنزول عند رغبة الرفاق والاخوة ونداءات الملايين ورجائها بالعودة عن قرار الاستنكاف"... هل هناك فرصة حقا أم هو شبح حماس يطارد عباس حتى وهو يحزم حقائبه مغادرا مسرح السياسة والعمل السياسي؟ وحرص الأخير على تجريده من أي فرصة للشماتة أو تسجيل النقاط؟

أيا يكن من أمر ، فنحن نمر بـ"الهزيع الأخير" من "الحقبة العباسية" في حياة الحركة الوطنية الفلسطينية ، وهي على أية حال ، لم تدم طويلا ، على أنه من السابق لأوانه القول بأن "العباسية" قد انتهت إلى غير رجعة ، فالرئيس عباس لم يتنح ولم يقدم استقالته ، وهو عبر عن رغبة بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة ، والانتخابات لم تقرر بعد ، وثمة من يرجح إرجاءها على إجرائها في موعدها المقرر بموجب المرسوم الرئاسي ، وقد نواجه وضعا يكون لنا فيه ، "رئيس تصريف أعمال" و"حكومة تصريف الأعمال" ، في سابقة لم تعرفها نظم العالم السياسية برمته ، وقد يأتينا من يخلف عباس وينتمي إلى مدرسته ، فيكون امتدادا له ، وتمديدا لـ"العباسية" من دون عباس.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات