تسوء الامور ونواصل التفرج

تم نشره الأحد 08 تشرين الثّاني / نوفمبر 2009 01:12 صباحاً
تسوء الامور ونواصل التفرج
خالد محادين

في الخامس عشر من أيار من عام 1935 افتتح الزعيم السوفييتي جوزف ستالين اول محطة لقطار الانفاق والتي يبلغ عددها الان اكثر من مائة وسبع وسبعين محطة، ثم اصدر ستالين قرارا باعدام كل من يدخن في المحطة او القطار، ولم يعدم سوى مواطن سوفييتي واحد، لان القوانين والتعليمات والمواعظ لا تكفي لتعلم الناس ولجرهم الى الجنة بالسلاسل، وفي اواخر السبعينات من القرن الماضي بدأ الحظر على التدخين داخل قطارات ومحطات الانفاق في نيويورك ولندن وباريس والعديد من المدن التي شقت تحت ارضها هذه المحطات، واذا كانت قطارات الانفاق في موسكو تنقل يوميا اكثر من عشرة ملايين راكب ففي وسعكم تقدير عدد الملايين التي تحركت بهذه القطارات، دون ان يجرؤ واحد من هؤلاء الركاب على ممارسة كيف التدخين خوفا من عقوبة الاعدام.

خطرت ببالي هذه الصورة، وكمواطن يتابع مثل ملايين المواطنين الاعتداءات المؤسفة التي يتعرض لها اسبوعيا - وربما يوميا - اطباء وطبيبات وممرضون وممرضات ومدراء مدارس ومديرات ومعلمون ومعلمات وحتى رجال شرطة، يتصدون جميعا لمسؤولياتهم النبيلة، ثم ينتهي كل اعتداء بصلحة لا يمكن اعتبارها الا اعتداء على النظام العام والحقوق الاساسية وهيبة المؤسسات والافراد وكرامتهم.

لا اطالب باعدام من يعتدي على طبيب او طبيبة او من يهوي بهراوته القاسية المتخلفة على رأس مدير او معلم، بل العودة الى اكثر من ثلاثين عاما، حيث كان الاعتداء على الموظف العام جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن ستة شهور، وكنا تلك الايام لا نسمع ان مواطنين اقتحموا مستشفى واوسعوا اطباء وطبيبات وممرضين وممرضات ضربا واهانة ثم يغادرون تاركين مريضهم وراءهم او حاملين هذا المريض معهم، ولم نعد نتعامل مع هذه الاعتداءات بالحد الادنى من الاهتمام، فلا احد يعاقب والجاهات تنطلق وتستقبل والاهانة تباع بثلاثين سي سي من القهوة المرة، وتصرفات كهذه تغري بالمزيد من الاعتداءات في ظل تغييب القوانين والاحكام العادلة وفي ظل التسامح المفروض بالجاهات الكاذبة.

لم اسمع حتى الآن ان مواطنا وضع عقله وضميره وخلقه داخل هراوة قد تمت ملاحقته او اعلن عبر وسائل الاعلام عن محاكمة ومعاقبة، فبات استهداف موظفي الحكومة في شتى الميادين ممارسة وطنية يكاد يكون الاجماع على ممارستها تقليدا وطنيا يستوجب الادانة والمحاربة والتعزير والعقوبة القصوى، والاكثر خطورة من هذا ان المعتدي يغادر مكان توقيفه قبل ان يغادر طبيب مضروب او طبيبة معتدى عليها سرير الشفاء، وكذلك هو الامر بالنسبة للمدراء والمعلمين والمعلمات الذين يفترض ان يكونوا في صدر البيت واكثر الناس استحقاقا لتقدير المجتمع واحترامه ورعايته.

المسألة تدعو للخجل، ونحن في القرن الحادي والعشرين، حيث العالم كله يتجه نحو العلم والتحضر والمدنية، فهل تتجه الامور في بلدنا الى ما هو أسوأ ام ستفعل العقوبات التي تقنع المنحرفين بان مكانهم الطبيعي والمستحق هو السجن وليس بين صفوف المواطنين المهذبين والمتحضرين؟.



kmahadin@hotmail.com




مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات