قدامى النواب حين يتكلمون

يؤيد النائب عبدالكريم الدغمي ، حل مجلس النواب ، ويقول في محاضرة له ، انه يعتقد ان مجلس النواب الحالي ، من اضعف المجالس النيابية ، وان الرأي العام الذي يؤيد حله ، طبيعي ، لان المجلس ضعيف ، ويتم التغول عليه ، بالاضافة الى تفشي الواسطات والمحسوبية.
نائب مثل الدغمي نجح في عدة دورات نيابية ، ومن التيار الوسطي المعتدل ، وصاحب خبرة قانونية ، ليست سهلة ، حين يقول مثل هذا الكلام ، فهو يعنيه حقا ، وهو لا يتحرش لا برئاسة المجلس الحالية ، ولا يرسل رسائل حول قلقه وغضبه ، من المعادلات داخل مجلس النواب ، التي اقصته مرارا عن فرصة الوصول الى موقع رئيس مجلس النواب ، اذ ان الدغمي يقول كلاما خطيرا ، من شخصية ليس لها ظلال حزبية ، ولا اصطفافات ترسم مثل هذا الموقف.
اكثر الناقدين لمجلس النواب الحالي هم النواب القدامى ، وما ان تجلس مع نائب من النواب الذين مروا عبر عدة دورات برلمانية تسمع ذات الرأي ، لانهم يقارنون من واقع خبرتهم بين الدورة الحالية ودورات اخرى ، اما النواب الجدد فيتحسسون من هذا الكلام ، لانهم دخلوا "العرين" لاول مرة ، ولانهم انفقوا دم قلبهم من اجل هذا الموقع ، ولانهم ايضا يعتقدون ان النواب القدامى يتعالون عليهم ، من واقع خبرتهم ، ولاسباب تتعلق بتأثيرهم وشهرتهم ، وتحكمهم في موازين المجلس بسبب فروقات الخبرة ، بين النواب القدامى والنواب الجدد في مجلس النواب ، بما يعد تصنيفا جديدا للمجلس بين القدامى والجدد.
ما يتوقف المرء عنده ليس كلام النواب الجدد ، اذ ان تعليقات قدامى النواب ، وكلامهم وتصرفاتهم توحي بالكثير ، من كلام مثل كلام الدغمي ، وغياب نواب قدامى اخرين عن الجلسات ، وتمنع نواب قدامى عن التحول لمنصات اطلاق يقفز عبرها النواب الجدد دون مهارة او احتراف ، ولو جمعنا قدامى النواب مع النواب الجدد ، في مناظرة حول الاداء لسمعنا كلاما لا يمكن توقعه ، حول الفروقات بين النواب ، نواب عام 89 يختلفون عن نواب اليوم ، والنواب القدامى يختلفون عن الجدد ، على مستويات تتعلق بفهم النائب لدوره وهيبته ومكانته وعلاقته بالحكومة والمواطن الى اخر هذه التصنيفات.
احد النواب المخضرمين اقترح ذات مرة ، ان يتم عقد دورات للنواب الجدد بعد انتخابهم ، وقبيل ذهابهم لمجلس النواب ، ويتوجب ان تكون هذه الدورات تأهيلية واجبارية ، حتى يستعد النواب لدورهم التشريعي والرقابي ، بدلا من القفز من صناديق الاقتراع ، واذا به وجها لوجه مع صلاحيات ومسؤوليات ونواب اخرين اصحاب خبرة ، وامام حكومات وتيارات سياسية. هذا القفز يحول النائب من نائب ، الى معّقب معاملات ، والى حامل ملفات توظيف وعلاج وواسطات ، ومن المؤسف حقا ان يمضي عام او عامان من عمر اي مجلس وقد اختار بعض نوابه ان لا يكون نوابا بالمعنى الحقيقي ، فتبقى الساحة للنواب القدامى ليقرروا ويحسموا ويرسموا ايضا.
كلام الدغمي حول تأييده لحل مجلس النواب ، ليس مناكفة ، بقدر كونه تقييما ايضا من نائب مخضرم ، وسط سكوت اغلب النواب الجدد ، الذين لن يؤيدوه بطبيعة الحل ، لانهم لم يذوقوا من "بئر العسل" الا القليل وما زالوا يطمحون للكثير الكثير،،،.
mtair@addustour.com.jo