سقط جدار برلين وقام جدار فلسطين

يمارس الغرب نفاقا منقطع النظير في تعامله مع المبادىء السياسية حول العالم فقد احتفلت المانيا امس الاول بحضور 30 رئيس دولة بالذكرى العشرين لسقوط جدار برلين الذي قسم عاصمة الرايخ مدينة برلين بعد الحرب العالمية الثانية الى برلين الشرقية عاصمة المانيا الديمقراطية الاشتراكية وبرلين الغربية التي كانت تتمتع بحماية امريكية وتتبع المانيا الاتحادية من دون ان تكون متصلة جغرافيا معها.
وقد تحول الجدار الذي هدف منع (الهروب) من المانيا الديمقراطية الى الاتحادية خلال 28 عاما هي مدة وجوده, من الاسلاك الشائكة الى الجدران الاسمنتية واصبح الجدار حدودا بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي, بين حلف وارسو وحلف الناتو, حدودا فاصلة بين ايديولوجيتين سياسيتين مختلفتين, بل قطبين اقتصاديين وثقافيين كبيرين لكنه في النهاية جدار فرَّق بين ابناء شعب واحد هو الشعب الالماني.
وتقول الوقائع التاريخية ان الحلفاء قد تقاسموا النفوذ في المانيا الهتلرية بحيث قسمت اراضيها الى اربع مناطق نفوذ, واحدة سوفييتية والثلاث الاخريات ( امريكية وفرنسية وانجليزية) وعندما فرض ستالين الحصار على برلين الغربية ردت اطراف حلف الاطلسي بطلب توحيد المناطق الخاضعة لرقابتها مما هدد بحرب عالمية جديدة قبل ان يتم الاتفاق على تقسيم جديد للمدينة.
وخاض حلف الناتو صراعا علنيا وسريا ضد جدار برلين الى ان استطاع الشعب الالماني على جانبيه حمل معاولهم وقيادة جرافاتهم لهدم الجدار الذي فرقهم ليصبح رمزا للحرية والانعتاق.
نعم سقط جدار برلين لكن جدر اخرى بنيت, اهمها جدار الفصل العنصري الذي اقامته قوات الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة لتقطيع اوصالها وحماية كيان الاحتلال, رغم قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بعدم شرعية الجدار وضرورة هدمه, فلا زال قائما تحت نظر وسمع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اللذين قاتلا من اجل توحيد المانيا وهدم الجدار الفاصل بين شعبها والجدران الفاصلة بين شعوب القارة الاوروبية.
وتعرف كل دول العالم خاصة المانيا التي اصبحت قيادتها الجديدة اكبر الداعمين للسياسة الاسرائيلية ان جدار الفصل العنصري الذي اقامته اسرائيل يفصل بين ابناء الشعب وقسَّم القرى والمدن لا بل قسم بعض البيوت والمزارع والعائلات واصبحت حياة الفلسطينيين على جانبيه لا تطاق.
واليوم يناضل الشعب الفلسطيني كما ناضل الالمان سابقا لهدم جدار الفصل وبدعم كبير من متضامنين اوروبيين دأبوا منذ سنوات على التظاهر الاسبوعي امام الجدار في قرية نعلين الفلسطينية التي قسمها الجدار الى شقين لا يمكن التواصل بين الاشقاء فيها الا بالدوران عدة كيلومترات ليرى الاب ابنه او يصل الطالب الى مدرسته.
وقد احتفل الفلسطينيون امس الاول بسقوط جدار برلين وحاولوا تكرار تجربة الالمان بهدم الجدار وإعادة اللحمة للاراضي الفلسطينية تحت الاحتلال, لكنهم لم يستطيعوا سوى اسقاط لوح اسمنتي واحد تداركته آليات الاحتلال قبل ان يسقط.
سيسقط جدار الفصل العنصري عاجلا ام اجلا, وستتوحد الاراضي الفلسطينية وستقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وسيذكر التاريخ ان الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي اعداء الجدران في اوروبا قد وقفوا يتفرجون على معاناة الشعب الفلسطيني لانهم انتقائيون في سياساتهم ومبادئهم.0