الدولة والقانون والمواطن

تم نشره الأربعاء 11 تشرين الثّاني / نوفمبر 2009 04:07 صباحاً
الدولة والقانون والمواطن
باتر وردم

مطلوب أن يجتمع أفضل الحكماء في الأردن من أصحاب الخبرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحرص التام على مصلحة الوطن للتباحث المفتوح والصريح حول التزايد المفزع لحالات العنف الاجتماعي التي يسقط ضحيتها مواطنون لأسباب تبدأ بمشاجرات اجتماعية ، ويصبح فيها الأمن العام جزءا من المشكلة بينما يحاول القيام بواجبه في ضبط الأمور ، وتنتهي بانفعالات حادة تتضمن تجاوزا على هيبة الدولة ممثلة بالمنظومة الأمنية والقانون المدني ، إضافة إلى الاعتداءات على الممتلكات الخاصة.

هناك لائحة طويلة وجاهزة مسبقا لتفسير أسباب هذا العنف وهي تستخدم من قبل الكثير من المحللين والإعلاميين وأهمها انتشار الفقر والبطالة والإحباط الاجتماعي وتزايد تباين الدخل بين الفئات الاجتماعية المختلفة وتفوق المنظومة العائلية العشائرية على سيادة القانون. كل هذه الاسباب منطقية وصحيحة ولكن من المهم تفكيكها وترتيبها بشكل يمثل النتيجة والسبب حتى نعرف الدافع الرئيسي وراء التراجع في القدرة على فرض سيادة القانون بشكل عادل ومتساو على جميع المواطنين كما يؤكد الدستور الأردني ، وهي قدرة كانت تعتبر الأفضل على المستوى الإقليمي وتمت ضمن إطار من الثقة والوضوح التام لحدود الحقوق والواجبات والمسؤوليات.

انتهى النزال الذي ساد الساحة الأردنية في العام الماضي فيما يتعلق بالولاية الدستورية للحكومة مقابل نمو سلطان رأس المال والاستثمار ، ولكن بعد ذلك تزايدت حالات العنف الاجتماعي والتجاوز لسلطات وصلاحيات الدولة من خلال ولاءات جهوية متحركة بفعالية وتأثير وتزداد ثقتها وقدرتها على تحدي القانون والاجهزة الأمنية خاصة عند حدوث أخطاء في إدارة الازمات تؤدي إلى أضرار بشرية وعدم وضوح المسؤولية.

إلقاء اللوم على "غياب البعد السياسي في إدارة الأزمات" ليس كافيا ، ولا بد من الصراحة في الحديث عن الوجه الثاني من العملة وهو تزايد حدة الانتماءات الجهوية والهويات الفرعية ، وهو حديث لا يجلب لصاحبه إلا المتاعب والتشكيك من قبل الرأي العام ولكنه واجب على كل من يحمل قلقا حقيقيا ومخلصا على مستقبل العلاقة بين الدولة والمواطن ضمن أطر سيادة القانون في الأردن.

الحزم في تطبيق القانون مهم ولا يمكن التساهل بشأنه ولكنه ايضا يتطلب الحرص على عدم الإيذاء حتى لو تجاوزت الظروف الحد الممكن من السيطرة وفي تفاصيل إدارة الأزمة لا مناص من الالتزام بالقانون المدني وعدم السماح للانفعالات بأن تطغى على الحوار خاصة أن معظم حالات العنف وتجاوز القانون والاعتداء على الممتلكات العامة تحدث من قبل فئات قليلة ومحدودة ضمن "المنظومة الاجتماعية الأوسع" التي تجاهر بغضبها نتيجة الحالات التي يسقط فيها ضحايا من أبناء هذه الفئات وهي غضبة حق ولكن من المهم أن لا يسمح لها بالتحول إلى باطل عن طريق انفلات وتصفية حسابات مع الأمن العام من قبل فئات محدودة.

القانون هو الذي يجب أن يسود على الجميع سواء في ممارسات وأداء السلطة التنفيذية والمنظومة الأمنية أو على المواطنين والتجمعات الاجتماعية المختلفة. ولكن المفتاح الرئيسي لتطبيق القانون هو العدالة والمساواة في الحقوق التي كفلها الدستور لجميع المواطنين ومنها الحقوق أثناء الاعتقال والاحتجاز الأمني إضافة إلى المسؤوليات تجاه الدولة وأهمها تحريم ورفض المساس بالمنظومة الامنية وعدم تعطيل ومنع الأمن من القيام بواجبه ، ويستوي في ذلك المواطنون والمسؤولون والشخصيات العامة ومنهم ايضا من يتجاوزون صلاحياتهم ويحاولون المساس بدور رجال الامن واولويات تطبيق القانون.

batirw@yahoo.com



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات