تحسين الإنتاجية من أجل النمو

رفع معدل النمو الاقتصادي، أي الزيادة السنوية في حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، هدف رئيسي للسياسة الاقتصادية، أما الوسيلة فكانت حتى الآن التركيز على زيادة الاستثمارات الجديدة، سواء كانت محلية أو عربية أو أجنبية. فالأسلوب الأكثر إتباعا لتحقيق النمو الاقتصادي هو المزيد من تراكم عوامل الإنتاج: عمال أكثر، رأسمال أكبر، إدارة أكفأ.
التراكم الرأسمالي له تأثير كبير على النمو، أي زيادة كمية الإنتاج، ولكن التراكم الرأسمالي عالي التكاليف، وقد لا يكون متوفرا بالقدر الكافي والخلطة المناسبة. أما العامل الثاني في النمو فهو تحسين الإنتاجية، بمعنى الحصول على إنتاج أكثر من نفس عوامل الإنتاج المتوفرة.
يأتي النمو الاقتصادي كنتيجة لمزيج من التراكم الرأسمالي وتحسن الإنتاجية. وقد وجد خبراء صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأردني شهد خلال السنوات الأخيرة تحسنا في الإنتاجية بنسبة 2% سنويا، أي أن هذا العنصر مسؤول عن ثلث معدل النمو الاقتصادي البالغ 6%.
لدينا قانون ومؤسسة لتشجيع الاستثمار، كما أن المهمة الأولى للمسؤولين الأردنيين على أعلى المستويات تدور حول اجتذاب الاستثمارات، لكن قليلا من الاهتمام يتوجه نحو تحسين الإنتاجية كمصدر للنمو أقل كلفة من كل المصادر الأخرى.
في وقت ما كان لدينا برنامج ومخصصات مالية ضخمة لما سمي في حينه برنامج تحسين الإنتاجية، لكن أحدا لم يحاول قياس دور هذا البرنامج في تحسين الإنتاجية، حيث جاء أكثره من تدريب وتأهيل العمال وتحفيزهم، وإدخال التجهيزات الحديثة كالكمبيوتر في الإنتاج، والارتقاء بوسائل الاتصال الحديثة وتعميمها.
هناك معادلات اقتصادية معتمدة لحساب زيادة الإنتاجية في الاقتصاد الوطني، وتحليل هذه الزيادة بتحديد حصة كل من عوامل الإنتاج فيها، إذ لا يكفي أن ننسب حجم الإنتاج إلى عدد العاملين، لأن عناصر الإنتاج الأخرى كرأس المال والأرض والإدارة تسهم أيضا في زيادة الإنتاجية. ولعل دائرة الإحصاءات العامة تقوم عنا بهذه المهمة لتحديد عناصر القوة ومحاولة الاستزادة منها، وعناصر الضعف ومحاولة علاجها، ذلك أن أفضل أنواع النمو هو ما نتج عن تحسن الإنتاجية أي تحقيق إضافة نوعية، وليس تراكما كميا فقط.