اليمن.. حرب تجر اخرى

منذ بدأت حرب صعدة في شمال اليمن تَعَمّدْتُ ان لا اكتب عنها, في البداية كنت مصدقا بيانات الحكومة اليمنية حول انتصاراتها الكاسحة ضد الحوثيين, واعتقدت كما غيري بانها حرب قصيرة وصغيرة ستنتهي خلال ايام او اسابيع.
ها هي الحرب تطول, واكثر من ذلك انها تجر حروبا اخرى حتى الان, اعُتِبَرْت إيران من قِبَلِ اليمن أنها شريك للحوثيين, اما السعودية فقد تم التحرش بها واستدراجها الى معركة كانت في البداية عملية محدودة, لكننا نراها تتمدد كل يوم, مما يجعلنا نشعر بالقلق والخوف من حرب اقليمية اخرى, على الطريقة الصومالية والافغانية, نعرف كيف تبدأ لكن الجميع يجهلون كيف ستنتهي.
واوجاع اليمن لا تقتصر على الحوثيين, فهناك ما يسمى بالحراك الجنوبي الذي ينفجر بين وقت وآخر على صورة مظاهرات شعبية واسعة, تدل على ان المشكلة اكبر من ان تكون جانبية او محدودة, والخطر ان تتفاعل وتصل الى ما وصلت اليه مشكلة الحوثيين.
يخطىء قادة اليمن ان اعتقدوا ان شأنهم الداخلي سيظل بمنأى عن التدخل الخارجي. فبلادهم منذ ان نجحت في تحقيق وحدة فَشِلَ العرب الآخرون في انجاز مثلها, اصبحت باعثا لقلق وخوف اكثر من دولة واقليم في المنطقة والعالم. وعلى صنعاء ان تستخلص الدروس مبكرا قبل استفحال الموقف ومنها:
1- ان قدرة الحوثيين في الصمود والتصدي للجيش اليمني تدل على انهم يُعِدّون لهذه المواجهة منذ وقت طويل. فما يدري حكام صنعاء بان الإعداد لمواجهات اخرى في الجنوب والوسط ليس قائما ايضا على قدم وساق!.
2- قد يجد القادة اليمنيون في جر السعودية لحرب على الحوثيين الارتياح لان ذلك يساعدهم في محاصرة التمرد بطموح القضاء عليه. لكن ماذا اذا تواصلت الحرب واتسعت رقعتها وطال امدها?. بالتأكيد سيقود ذلك الى تدخلات اقليمية ودولية اخرى ستكون (الوحدة اليمنية) ضحيتها, خاصة وان في اليمن تربة خصبة للسلاح والمسلحين, من القاعدة الى غيرها من احزاب وطوائف.
اما ما يبعث على الحيرة في الازمة اليمنية هو تنامي ظاهرة العجز العربي الرسمي في احتواء حروبه وازماته التاريخية. فلا الجامعة العربية حاضرة لحل النزاعات, وان حضرت فمن دون دعم او صلاحيات. أما العلاقات العربية -العربية فقد تخلت عن ارث »جهود المصالحة« بين الاشقاء, واصبحنا امام ظاهرة تُحَدّث عن نفسها, بان تفجر الحروب والازمات الداخلية يُسْعِد العديد من العواصم ان لم يكن يُشَجّعها على السعي لصب الزيت على النار.
فهل ينجح اليمن قبل فوات الاوان في »تقليع شوكه بيده« عن طريق الحوار لا الحرب, قبل ان يزرع الآخرون حقول اشواك لا حصر لها في ارض سبأ وبين شعب اليمن السعيد.0