بعيدا عن التعديل او التغيير الوزاري

بغض النظر اذا كان هناك تعديل او تغيير وزاري فان هذا لن يقدم شيئا على الصعيد الاقتصادي اذا بقيت العقلية العامة في التعاطي مع معطيات الوضع "مخدرة" ترفض مواجهة تداعيات حالة التباطؤ التي يعيشها الاقتصاد الوطني.
مواصفات الفريق الوزاري الاقتصادي المطلوبة لانجاح أية جهود تنموية لا يختلف عليها اثنان, والكل يجمع اليوم ان الفريق الراهن لم يكن بالمستوى المطلوب لمواجهة اصعب ظرف يمر به الاقتصاد الاردني, والنقد هنا ليس موجها لاشخاص الوزراء, فجلهم أناس يحظون باحترام الجميع, لكن الشهور الماضية اثبتت ان هناك فجوة حاصلة بين الوزراء وان ذلك اثر سلبا على اداء الفريق الاقتصادي بسبب الخلافات التي عصفت بين اعضائه.
طبعا رئيس الوزراء يتحمل مسؤولية ما آل اليه شأن الوزراء وتنامي الخلافات بينهم التي باتت حديث الصالونات السياسية, حتى تردي الوضع الاقتصادي وظهور العديد من المؤشرات السلبية فان اللائمة تُلقى على الحكومة بشكل عام والرئيس بشكل خاص, لانه سمح لنفسه بالانسياق وراء مجموعة من التحليلات والآراء التي اظهرت الوجه المشرق للازمة المالية واخفت كابوسا ينتظرها وهنا بدا يلوح بالافق ويلقي بظلاله على اداء العديد من القطاعات التي كانت طالما تتغنى بقصص نجاحات الحكومات المتعاقبة على الدوام.
فالصادرات الوطنية في تراجع (20 بالمئة), والحوالات في هبوط تدريجي (8.4 بالمئة), والتدفقات الاستثمارية في انخفاض مستمر (65 بالمئة) والعجز اعلى بنسبة 35 بالمئة تقريبا عن المقدر (1.117 مليار دينار), وارتفاع الدين الى مستويات مقلقة (9.7 مليار دينار) وتراجع تنافسية الاقتصاد في بعض التقارير الدولية.
تلك المؤشرات كان بالامكان تداركها لو كانت هناك مواجهة لتداعيات الازمة منذ البداية, حتى حالة التباطؤ التي يعيشها الاقتصاد الوطني في الظرف الراهن كان بالامكان الخروج منها بأقل الخسائر لو كانت هناك جهود لتعزيز الثقة لدى المستثمرين والمستهلكين, ومرونة من القطاع المصرفي الذي ابدى سياسة متحفظة في عمليات التمويل متحججا بتعليمات البنك المركزي.
باختصار الاقتصاد الاردني لم يكن يعاني من مشكلة حقيقية بداية الازمة المالية العالمية, والحقيقة ان سوء تعامل الحكومة مع تداعياتها افرز ازمة جديدة وادخل الاقتصاد في نفق مظلم, وها نحن نشاهد جميع اقتصاديات دول العالم تستعيد عافيتها وتتجه مؤشراتها للنمو في الوقت الذي يشهد اقتصادنا عكس ذلك الاتجاه وتزداد وطأة الآثار السلبية يوما بعد يوم على القطاعات المحركة للنمو.
اليوم الفريق الحكومي بحاجة الى روح قتالية لمواجهة اصعب التحديات الاقتصادية التي تشهدها المملكة, حتى لو بقي الفريق الوزاري الاقتصادي على حاله من دون تغيير, فباستطاعته مواجهة التحديات اذا عمل بروح الفريق الواحد وابتعد عن الخلافات الشخصية ووحد جهوده تجاه تحفيز الاقتصاد, فالمعضلة الرئيسية هي كيفية تعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين في اقتصاد يحظى باستقرار سياسي فريد في منطقة لم تعرف ابدا طعم الاستقرار.0