بيريز في مصر ... غطاء دبلوماسي للاستيطان الاسرائيلي

لا يمكن للمراقبين ان يفصلوا بين تحذيرات الرئيس المصري لايران قبل يومين وبين زيارة شمعون بيريز للقاهرة امس. فالاخير وظف ما قاله مبارك للظهور بمظهر الحليف لمصر في مواجهتها لايران باعتبارها عددا مشتركا.
لعبت دول الاعتدال على وتر الخطر الايراني لسنوات لتبرير سياسة الانفتاح على اسرائيل بحثا عن السلام الذي ينزع من ايران ذرائع التدخل في شؤون المنطقة.
لكن نظرية الخطر الايراني تهاوت تماما بعد فشل كل الجهود العربية الامريكية لاقناع اسرائيل بحل الدولتين. ومع اصرار اسرائيل باعادة الصراع مع العرب الى المربع الاول يتحول الحديث عن الخطر الايراني هروبا من المواجهة مع الخطر الاساسي وهو الاسرائيلي.
اللقاءات مع قادة اسرائيل كالتي شهدناها في القاهرة لن تثمر عن شيء, لقد عقدت العشرات مثلها في عمان والقاهرة وعواصم غربية عديدة ولم تسفر عن اي انجاز لا بل ان اسرائيل ازدادت تشددا. وها هم قيادات السلطة الفلسطينية الذين واظبوا في فترة حكم أولمرت وليفني على تناول العشاء والغداء بانتظام في منزل رئيس وزراء اسرائيل يكفرون بالمفاوضات ويلوحون بالعودة الى انتفاضة ثالثة.
لدينا مشاكل مع ايران ذلك امر لا يمكن تجاهله, لكن حلها لا يأتي باستعداء طهران وانما بالحوار معها. ويدرك الجميع ان الرئيس المصري في خطابه كان يشير الى الدور الايراني في حرب اليمن مع الحوثيين, غير ان احتواء الصراع في اليمن يتطلب مقاربة سياسية وليس اطلاق تهديدات فارغة لا تعني شيئا على الارض.
تستطيع القاهرة وبالتنسيق مع عمان التي احتضنت المصالحة اليمنية قبل عقدين من الزمن ان يقودان جهدا دبلوماسيا مكثفا لجمع الفرقاء اليمنيين والتوصل الى اتفاق مصالحة ينهي الحرب ويعالج محاولات الانفصال في الجنوب.
ان استثمار الجهد بهذه المهمة اجدى من اضاعته في لقاءات مع الاسرائيليين تستخدمها الحكومة المتطرفة بقيادة نتنياهو وليبرمان كغطاء دبلوماسي لمواصلة سياسة الاستيطان وتهويد المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة وتفوّت في ذات الوقت الفرصة على اي دولة تسعى لضرب الامن القومي العربي.
الشارع العربي لم يعد يصدق الحديث عن الخطر الايراني فهذه بضاعة كاسدة سوقتها امريكا إبان حقبة بوش الابن على العرب بحشد ما عرف بمحور الاعتدال العربي في معركة ضد ايران تصب في مصلحة اسرائيل.
وكنا نعتقد ان المسرحية انتهت برحيل بوش لكننا فوجئنا بأن فصلا جديدا منها يكتب في القاهرة هذا الاسبوع.0