ديمقراطيات لنشر الفساد

اقترن فوز كرزاي في الانتخابات الافغانية باتهامات التزوير التي اطلقها شريكه في الحكم ومنافسه على الرئاسة عبدالله عبدالله. لكن عباءة الرئيس الافغاني فضفاضة بما يكفي لاحتواء المفاجآت, وآخرها اتهامه من قبل حليفيه الرئيسيين, الولايات المتحدة وبريطانيا, بانه يرئس حكومة فاسدة.
هكذا, وبعد العراق الذي وصفت التقارير الامريكية بانه يعيش اكبر ظاهرة فساد في التاريخ, تقع الديمقراطيات الغربية في شر اعمالها. فاذا كانت الحربان والاحتلالان في العراق وافغانستان, بقيادة واشنطن ولندن قد تمت تحت رايات نشر الديمقراطية, فان هذه الشعارات اصبحت اكثر فسادا وكذبا وتضليلا من فساد حكومة كرزاي ومسؤولي المنطقة الخضراء في بغداد.
غير ان هناك من يرى ان صحوة الضمير المفاجئة التي اطلقتها وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ضد فساد كرزاي ووزرائه, وهو ما دعا البنتاغون الى تشكيل وحدة لمكافحة الفساد الحكومي في كابل, وكذلك تصريحات رئيس وزراء بريطانيا براون, ووزير خارجية فرنسا كوشنير حول فساد كرزاي, انما يأتي من باب »اعادة النظر« في استمرار الحملة الافغانية بعد الخسائر المتعاظمة بين صفوف القوات الحليفة على أيدي عناصر طالبان.
كل ما يصدر عن واشنطن ولندن هذه الايام يشير الى سياسة خط الرجعة. فكلينتون اعلنت بان الجيش الامريكي لن يبقى طويلا في افغانستان, وان أوباما يبحث في خطة خروج من هناك قد يحالفه الحظ ان جاءت على مقاس الخطة في العراق. اما جورج براون فقد دعا الى مؤتمر دولي لبحث مثل هذه الخطة بين الحلفاء.
واضح, ان قصة الفساد توظف الآن من قبل امريكا وبريطانيا من اجل سحب الدعم تدريجيا عن حكومة كرزاي, خاصة بعد ان التحقت باكستان »الهادئة« بأفغانستان, واصبحت طالبان منتشرة على جانبي الحدود الافغانية - الباكستانية وفي عمق البلدين, بعد ان كانت قبل ثماني سنوات مجرد فلول في جبال تورا بورا.
ومن الحقائق ايضا, ان العواصم الديمقراطية, وليس احد غيرها هي من نشر اخلاقيات الرشوة وشراء الذمم, سواء في العراق او افغانستان. والجميع يعلم عن عمليات توزيع مئات الملايين على شيوخ العشائر والاعيان التي جرت منذ سنوات في افغانستان وبين اوساط القوى العراقية من اجل شراء تعاونهم واحيانا ولائهم.
باختصار لقد الحق الامريكيون والبريطانيون سمعة سيئة بقيم الديمقراطية من خلال ممارساتهم في افغانستان والعراق. وستظل شعوب الشرق الاوسط تذكر الى وقت طويل قصص المآسي والويلات والكذب والفساد التي جلبتها شعارات تصدير الديمقراطية على فوهات المدافع وتحت غطاء الصواريخ والطائرات وفوق اجساد ملايين الضحايا.0