دعوة لمصالحة مصرية جزائرية مغربية في عمان

كان مؤلما جدا أن تنشر صحف صورة لتجمع من المحامين المصريين يحرقون العلم الجزائري في القاهرة، وكان مؤلما كل ما حدث في الجانبين الجزائري والمصري حلفاء الثورة وعدم الانحياز، حتى بتنا نسمع عن دعوات أسرائيلية لتهدئة الامور بين القاهرة والجزائر تصل الى مواطنين عرب عبر الرسائل الهاتفية، وعندما قرأت مساهمة مدعيات الفن في تأجيج المشاعر بين أشقاء العروبة تذكرت أغاني أذاعة صوت العرب وعبد الوهاب يشدو بأغنية (وطني حبيبي الوطن الأكبر) وأن الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية أشتهرت وأنطلقت من مصر.
دعونا نتذكر أن السلاح المصري كان أول سلاح يصل الى ثوار الجزائر في الخمسينات من القرن الماضي، وأن السلاح الجزائري كان أول سلاح عربي يصل الى مصر فور نشوب حرب عام 1967.
في الاعلام الجزائري دأبت صحف على بث أخبار الجثث الجزائرية التي تنقل من القاهرة بالطائرات حتى اضطرت وزارة الخارجية الجزائرية الى إصدار بيان رسمي ينفي نفيا قاطعا وفاة أي جزائري في القاهرة .
في الاعلام الاسرائيلي طالعتنا صحف كبرى تسخر من العرب وتتمنى مباراة شبيهة بين فتح وحماس وفي باريس أشعل متظاهرون جزائريون غاضبون على مصر النار في سيارات وحطموا واجهات المتاجر في شارع الشانزليزيه الشهير وأصطدموا مع الشرطة الفرنسية رغم فوز فريقهم بالمباراة.
ومن يتصفح الاعلام بالتفصيل فسيقرأ ما لم يكن يتوقعه حتى في الاحلام ومن يقرأ المقالات في صحافة البلدين فسيكتشف كيف توارى صوت العقل واختفت أقلام الحكمة والوحدة والتضامن العربي خلال 72 ساعة حتى قالت صحف أجنبيةئ (ان ما حدث بين مصر والجزائر يطرح تساؤلا حول حقيقة وجود الوحدة العربية).
نتذكر أن جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه أطلق عام 1987 على مؤتمر القمة العربي المنعقد في عمان لقب (قمة الوفاق والاتفاق) التي جاءت بعد تشتت وتشرذم العلاقات العربية العربية الى منحدر خطير، وما زالت عمان عاصمة الوفاق والاتفاق حتى الان تجمع ولا تفرق تتوسط ولا تنحاز، ومن هذا الاساس فان تحرك الديبلوماسية الاردنية الان نحو تهيئة الاجواء لقمة مصرية جزائرية أردنية ينضم اليها المغرب ان أمكن في عمان عدا عن كونه واجبا قوميا فانه فرصة لأستعادة دور الوفاق والاتفاق الذي دأبت عمان على القيام به في الملمات العربية.
علاقاتنا الاخوية مع الاطراف العربية كلها في أبهى صورها واتفاقيات التعاون والشراكة الثنائية بين الاردن وبين الاشقاء الثلاثة متشعبة وعلى مستوى الرؤساء وثيقة وتمر بمرحلة ذهبية من الاخوة والتعاون، فهل سيلعب الاردن دور الاطفائي الشهم الذي يهب لإطفاء النار المشتعلة في منازل جيرانه؟؟.
المغرب والجزائر ومصر تشكل أركان وأوتاد القارة الافريقية كلها وهي الجزء الاهم من جنوب المتوسط الذي لا تعيش أوروبا بدونه وتختنق وليست عبقرية القول أن جهات أجنبية لها مصالح حيوية في تفتيت وحدة جنوب المتوسط والتعامل مع فئات متنازعة كل على حدة.
إن لقاء مصريا جزائريا مغربيا في عمان سيكون حدثا تاريخيا يتحدث عنه الشعب العربي طويلا وستكون فرصة لاستعادة احترام العرب في العالم والتأكيد على أن ما يجمعنا أكبر وأوثق من أن تفرقه كرة قدم.