تصريحات السالم وعوض .. تضليل متعمد أم غياب المعلومات؟!

في اول ردة فعل محلية حول تداعيات ازمة دبي على الاقتصاد الاردني خرج رئيس جمعية البنوك د. مروان عوض يوم الاثنين اثناء العطلة الرسمية بتصريح صحافي يؤكد فيه أن الجهاز المصرفي الأردني بمنأى عن أزمة ديون دبي وانه لا توجد بنوك دائنة هناك, لكنه قال ان البنوك الكبيرة في الخليج العربي لها علاقة بالتعامل مع بنوك أردنية.
الرد الثاني كان هذه المرة من وزير المالية باسم السالم الذي قضى اجازة العيد في دبي وبالتالي من المفترض تلقائيا انه الاكثر دراية بواقع الازمة وتفصيلاتها قال في تصريح صحافي للزميلة الدستور امس: "ان البنوك الاردنية بعيدة عن ازمة دبي وبالتالي لن تكون هناك آثار سلبية على الوضع الاقتصادي".
والسؤال المطروح هل كانت تصريحات المسؤولين الاردنيين مستندة الى معلومات واتصالات تؤكد ما قالوه, أم أن الهدف من ذلك هو فقط للاستهلاك الاعلامي وطمأنة الاردنيين بأن الاقتصاد الاردني اقتصاد منيع عن أية ازمات تحدث في المنطقة?
المعلومات التي نشرتها صحيفة الشرق الاوسط امس الاول حول ازمة ديون دبي تشير ان بنكا اردنيا كبيرا احتل المرتبة الخامسة من بين بنوك عالمية قدمت قروضا مصرفية للإمارات العربية المتحدة بنهاية عام ,2008 وبإجمالي قروض بلغت 2.1 مليار دينار وفي تعميم اصدره البنك العربي امس اشار ان مجموع قروضه لشركة دبي العالمية, تبلغ حوالي 100 مليون دولار ضمن قرض تجمع بنكي يستحق في حزيران سنة .2013
نتفهم ان يوجه المسؤولون رسالة اعلامية الى المواطنين والمؤسسات الاقتصادية تهدف الى تعزيز ثقتهم بالاقتصاد الوطني وتبديد مخاوفهم, لكن عليهم ان يستندوا الى معلومات موثقة وليست مغلوطة تضلل الرأي العام, فالشفافية والافصاح الحقيقي هما اهم عناصر تعزيز ثقة المستثمر بالاقتصاد وليس باخفاء المعلومات عنه وتوجيهه نحو اشاعات مغلوطة.
على مسؤولينا الاردنيين ان لا يتسرعوا في الحكم على الاشياء واطلاق الاحكام والتحليلات الاقتصادية, فالعالم بات صغيرا اليوم, ولا يوجد ما هو مخفي, فالمعلومات يتم تداولها بين الاوساط والمؤسسات والافراد بسرعة بالغة ودقة متناهية, ولا يستطيع احد ان يحجب المعلومة, وعلى المسؤولين ان يدركوا ان زمن توجيه الرأي العام بمعلومات مضللة انتهى ولم يعد موجودا. واذا اردنا بناء اقتصاد قوي ومنيع علينا اتباع خطوات غاية في الشفافية والنزاهة في السياسات والاجراءات المتبعة.
الحديث عن ان الاقتصاد منيع ولا تداعيات سلبية من ازمة دبي على المملكة يحتاج الى دراسات علمية ورصد حقيقي لتطورات واداء القطاعات الاقتصادية المختلفة لا باطلاق تصريحات هاتفية, والكل يتذكر تصريحات مسؤولينا عندما تباركوا بالازمة المالية واعتبروها خيرا للاقتصاد الاردني ليكتشفوا بعد اشهر قليلة ان الازمة القت بظلال قاتمة على مجمل النشاط الاقتصادي في المملكة, ولا احد يرغب بتكرار ذلك المشهد المضلل.
الاقتصاد الاردني لا يعيش في جزيرة منعزلة وتداعيات ازمة دبي ستطال قطاعات رئيسية في المملكة نتمنى ان لا تستمر آثارها طويلا, فالحوالات والصادرات والاستثمار بأنواعه واشكاله المختلفة والبطالة كلها قطاعات مرشحة لتلقي اول صدمات الازمة, وهذا غير مخفي على الاعيان, المطلوب شفافية في الافصاحات وتصريحات المسؤولين والابتعاد عن المعلومات المضللة التي تفتقر للدقة بمعنى آخر لا نريد أحمد سعيد جديدا ليقول لنا »تجوع يا سمك« او صحافا آخر يبشرنا بأننا سنهزم العلوج المحتلين.0