هلا حجي..

أطلق شلاش 21 ضغطة متتالية على مفتاح التشغيل لا ترحيبا بالضيوف الكبار، وانما محاولا إشعال صوبة الغاز..وفور خروج اللهب الأزرق باتجاه الشعلة المتوسطة ، ثبت الفتى مفتاح المدفأة على ال 3 شعلات، وانصرف لإحضار القهوة السادة ..
صورة أبي يحيى في لباس الجيش الشعبي مائلة قليلا الى اليسار بعد ان ربط في طرفها حبلا طويلا من البالونات المفشوشة وأوراق الزينة..قال فالح الطرم وهو يسحب من تحته نواة تمر عالقة ويضعها في المكتة : ( يا ولد، كان ابوك نايم خليه نايم)..بينما عبث جوز فزة بمسدس أطفال يحدث وريرا مزعجا مستغلا فراغ المضافة من الرجال.. غمغم شلاش بكلمات لا تكاد تسمع وهو يدير ظهره باتجاه الباب..
كان يتحين ابو يحيى هذه الفرصة منذ زمن طويل، ليمارس وقار الحاج الجديد ..ففي سنوات سابقة اكتسب من زياراته الكثيرة لحجاج سابقين في الحي وأطراف البلد بعض مفردات المجاملة ، وخزن طرائق كثيرة للرد ، مقلدا آلية التكويع المتعارف عليها عند الحاج الطازج، متظاهرا بنفس الوقت بالتعب الممزوج بالصبر والحكمة ..
بالرغم من أننا في كانون، الا انه خرج على الضيوف مرتديا دشداشة صيفية بيضاء لا زالت كسرات التغليف ظاهرة عليها، وعلى رأسه شماغ من غير عقال ومسبحة من خشب الزيتون ، سلم على الضيفين بحرارة ، متمنيا لهم زيارة البيت العتيق في اقرب وقت.. وقبل أن يرحب بهم من جديد سعل طويلا ويده على صدره..وبعد كل سعلة كان يقول يا يمه /صنعة الحجاج/...قال له فالح الاطرم: مستوي ها؟..أخذ نفسا عميقا ثم قال الحمد لله !! هذه العبارة بالذات مكتسبة من حجاج قدامى...قال له جوز فزة : ان شاء الله ما في تعب بالحج!!...أخذ نفسا عميقا وابتسم ابتسامة خفيفة مغمضا عينيه قائلا: الحمد لله !! الابتسامة وإغماض العينين تعني انه لا يريد ان يفصح عن تفاصيل تعبه، ثم بدأ بشرح المناسك بالتفصيل ووصف السكن وبعده عن الحرم، وعن بعض الحجاج الذين اضاعوا حجتهم في طريق العودة..وعن صداقته مع باكستاني مسن كان قد التقاه في المدينة المنورة ، وعن جهود السلطات السعودية ..ثم وبحركة مقصودة كشف عن رجليه ليوري الفقاعات التي ظهرت أسفل قدميه وبأطراف أصابعه..انتبه جوز فزة للفقاعات..فسأله مشفقا ..رجليك مهبرات من شو؟..عاد و أخذ نفسا عميقا وابتسم بحكمة الصابر الحمد لله !!..
حضر شلاش بالقهوة السادة، صب للضيفين ..ثم تبعه عايش بصينية تحوي تمرا صغيرا دبقا واكواب زجاجية قصيرة فيها ماء زمزم ..سأله فالح الاطرم وهو حائر بتمرة لصقت بين فكيه: شلون الطلوع على عرفة؟؟..نقل ابو يحيى وسادتين الى الجهة اليمنى ثم كوع تكويعة الحاج الجديد: لأ ، هاي الحمد لله ميسرة : الله جاب لنا شوفير حملة ابن حلال..شفق ع حالتي وأنا بدي اطلع ع عرفة..قال لي شو رايك ننام بالباص؟ والله ونسحبها نومه لبعد المغرب!!..
ahmedalzoubi@hotmail.com