تاريخ مزور نقبله باسم الاعتدال!

في عز كارثة ترحيل الفلسطينيين من القدس، سواء بهدم بيوتهم، او بانكار مواطنيتهم في مدينة ولدوا فيها وولد آباؤهم وأجدادهم، نشعر بالغضب من الذين ما زالوا يتحدثون عن الشركاء المسلمين والمسيحيين واليهود في المدينة المقدسة. فهذا نمط من ترويج الضعف والعجز لا يليق بالمرحلة. فاليهود أنفسهم من علماء الآثار يقولون بالفم الملآن: لا شيء يشير إلى أن القدس القديمة كانت يوما مدينة يهودية، أو ان اليهود تركوا أثرا حقيقيا فيها!!.

لقد وقع بين يدي كتاب اصدرته اللجنة الملكية لشؤون القدس، ووقعه الأكاديمي د. عصام سخنيني، وهو ينقل كل ما خرج به علماء يهود من تنقيبهم الذي استغرق قرنا كاملا. ولعل أبرزهم كان ارنست مارتن الذي أكد ان الهيكل المعروف بهيكل سليمان، وهيكل زربابل، وتجديده على يد هيرود كانت كلها خارج أسوار القدس ''والى الجنوب منه نبع جيحون عند قرية سلوان''.. ووصل إلى القول بان ''حائط المبكى'' الحالي لا علاقة له بالهيكل، وبأنه ''حائط مزور''!!.

الاثارية الإسرائيلية ريفكا جونين تقول: إن جبل موريا لا يمكن ان يكون موقع الهيكل فلم تجر أية إشارة إليه في الأسفار اليهودية.. فيما عدا سفر ''أخبار الأيام'' .. وهو كتاب متأخر من أعمال المحررين في زمن متأخر، أي بعد العودة من المنفى البابلي.. ونحن نتحدث هنا بعد 539 عاما من اصدار كورش مرسومة القاضي بعودة اليهود.. وبين هذا التاريخ وبين رواية هيكل سليمان أكثر من ألف عام!!.

لا شيء في هذه العجالة يغني عن قراءة الكتاب الثمين والعلمي، لكن الأهم هو وقف هذا ''الاعتدال'' العربي في إعطاء اليهود حقا في القدس إلى جانب حقوق المسلمين والمسيحيين. فمثل هذا الاعتراف لن يوقف الصهاينة عن تهويد كل شيء في فلسطين، بالتزوير، والبلطجة، واستغفال الشعوب.. فادخال التوراة في الكتاب المقدس المسيحي لا يختلف كثيرا عن ''الإسرائيليات'' التي أدخلت في الإسلام، ولعل من اخطر ما يحدث الآن هو ''الاعتدال'' العربي السياسي، الذي لا يقابله أي اعتدال إسرائيلي، وافتعال حق لهم لكي يعترفوا ببعض الحق لنا.. لكنهم يريدون .. كل شيء!!.

العلم يقول: حائط المبكى هو الجدار الغربي للحرم القدسي. ويقول إن سليمان ذاته لم يكن يهوديا لأن أمه حثية فلسطينية.. واليهود يؤصلون بالأم. وان الهيكل لم يكن يخص اليهود وحدهم في الزمن الروماني حين أضاف هيرودوس أجنحة خاصة بغير اليهود ''الجوييم''!!.

لا يوجد في الآثار اليهودية ولو قطعة فخار من الزمن اليهودي، فلماذا نقايض التزوير بالمسجد الأقصى القائم بكل جلاله، وكنيسة القيامة بكل بهائها؟!.