في الكويت يوجد مجلس نواب

يُسجل البرلمان الكويتي - مجلس النواب - حالة جديدة في المنطقة العربية ويؤكد بانه سلطة تشريعية حقيقية. وانه ممثل للشعب بانتخابات نزيهة وحرة. الدليل, ان المجلس تم حلّه 3 مرات بسبب احتدام المواجهة بينه وبين الحكومة. لكنه كان يعود كل مرة ليواصل هذه المواجهة, ويُصرّ على تفعيل دوره في محاسبة ومراقبة السلطة التنفيذية (الحكومة). لانه مجلس يأتي بانتخابات حرّة ونزيهة.
ليس مجلس النواب هو وحده حالة جديدة, الحكومة, او الحكم في الكويت يستحق اوصاف والقاب النظام الديمقراطي المؤسسي ايضا. ورغم طول فترة المواجهة, بين مجالس النواب والحكومات المتعاقبة في الكويت, فلم تلجأ السلطة هناك الى وضع قوانين انتخاب تؤمّن (اسقاط النواب المعارضين) وتخلق مجلسا على قد إيد الحكومة يكون مطواعا لها, ولسياساتها ورجالاتها.
واضح, من تكرار الحل, وتعدد الانتخابات, غياب اي تدخلات حكومية لحسم الوضع بدكتاتورية قانون انتخاب يُفرّغ الارادة الشعبية ويعزلها. اضافة الى عدم وجود تدخلات من السلطة لانجاح نائب دون آخر وتمويل حملات ودعم لمرشح دون آخر الى حد تزوير القوائم والاصوات.
من يتابع موضوع استجواب - الـ 20 ساعة - الذي خضع له رئيس الوزراء الكويتي (الذي هو احد افراد العائلة الحاكمة) من قبل النواب, سيجد انها اتهامات للرئيس بتقديم الهبات والاموال من اجل مساندة حكومته. وهذا مؤشر على ان سلطة مجلس النواب في (المحاسبة والمساءلة) اصبحت مصونة, لها قوتها القادرة على الدفاع عن دورها في حماية الدستور والشعب والوطن.
لا شك ان هناك اهتماما من قبل اوساط في الرأي العام الاردني ونخبه السياسية(بالقصة الكويتية), ولقد تحدثت الى كثيرين اظهروا اعجابهم بما يجري في البرلمان الكويتي من ترسيخ لدوره بأداء ديمقراطي حضاري آخذ بالتطور نحو علاقة دستورية مؤسسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. والواقع, ان هناك اجماعا على امرين (1) ما يجري في الكويت يثبت ان الشعوب العربية عندما تجد الحرية في اختيار ممثليها الى مجالس النواب فانها تنتخب النائب بناء على ادائه في البرلمان فيما تدفع حاجة النائب الى صوت المواطن الى التزامه بالدفاع عن حقه الدستوري بممارسة التشريع والمساءلة والمراقبة واستجواب اعضاء الحكومة.
(2) ان المعارك الديمقراطية, داخل المجلس بين الحكومة وبين النواب لا تضعف النظام والبلد الذي تحدث فيه, حتى وان حُلّ مجلس النواب وتكررت العملية الانتخابية. فالممارسة الديمقراطية هي فعل تَعلُّم وتعليم. والشعوب العربية التي تحب بعض الانظمة وصفها بأنها عاجزة عن تحمل مسؤوليتها في ممارسة الديمقراطية تجد في المثال الكويتي ما يدحض ويعرّي هذه الادعاءات.
وبعض ما يمكن ان يقال, من دروس التجربة الكويتية, ان مستقبل العلاقة بين العراق وبين الكويت, او بين دول الخليج جميعا. ستكون اكثر وئاما وسلاما وتعاونا كلما ترسخت قيم الديمقراطية وممارساتها في انظمة الحكم هناك. وهو ما سيضع حدا للتدخلات الاجنبية. فالديمقراطية هي قلعة الشعوب والدول في مواجهة التحديات.