يتفننون في التهرب الضريبي فكيف التهرب من حساب رب العالمين

من هو الذي استمع الى ( أم علاء ) تتحدث قبل ايام من خلال أذاعة الامن العام وتمكن من حبس دموع عينيه ؟؟ أم علاء التي لا أستطيع أن أعيد عليكم قصتها في كلمات فقد كات صوتها أبلغ من كل المفردات وقصتها مع الفقر والمرض وطارق الباب مطالبا بأجرة البيت تدمي القلب قبل العين .

أم علاء لم يتبق لها أحد في الدنيا غير طفل يذهب الى المدرسة صباحا فلاتجد كوب شاي تسقيه ويعود ظهرا غداؤه كسرة خبز ، ولكن أكثر ما يؤرقها أن تودع الدنيا فيضيع الطفل بلامأوى ولا معين .

ليست وحدها التي لاتجد الخبز والدفء ولا تجد من يطرق بابها غير جابي فاتورة المياه وزميله من شركة الكهرباء فاليتامى والارامل الذين لايجدون الدواء والخبز موجودون في كل زاوية من زوايا الوطن ، كما ينتشر الاثرياء في كل زاوية على الجانب الاخر .

فقراء حد العدم وقد حدثني صديق أنه ذهب برفقة محسن كريم الى أحدى مناطق الاغوار الجنوبية لتوزيع بعض الصدقات فجاءته عجوز ضعيفة الابصار فوضع في يدها عشرين دينارا فسألت أحد الحاضرين عن قيمة الورقة التي في يدها فأجابها ( عشرين دينارا يا ختيارة ) فكادت أن تفقد صوابها من الفرح وبدأت تهذي بكلمات يختلط فيها الدعاء بالفرح فقد كانت تظنها دينارا واحدا .

وحدثني صديق أخر أنه ذبح عجلا لتوزيعه على الفقراء في نفس المنطقة فتخاطفه المحتاجون الذين لم يتذوقوا طعم اللحم منذ مدة طويلة فأصبح أثرا بعد عين في أقل من نصف ساعة .

وحدثني أحد الاصدقاء أنه قام بتوزيع لحوم أضحية وحين طرق باب أحد البيوت جنوب عمان صاح الاطفال وكأنهم في مظاهرة ( لحمة ... لحمة .. لحمة ) فأقسمت صاحبة البيت أنهم لم يتذوقوا اللحم منذ ستة شهور .

قبل أشهر زارني رجل محترم أعرفه ولم أره منذ سنوات طويلة ففوجئت بأثار السنين والشقاء الظاهر على محياه ومظهره فأدركت أن الدنيا أدارت ظهرها له فضاق به الحال حتى أوصله الضنك الى بابي ، ولم نتحدث في أمره فقد كان الظاهر يغني عن سبر أحوال الباطن ، فحرت في أمره وأمري فكان أن أتصلت بأحد المفرطين في الثراء وأنا على يقين أنه لو أخرج زكاة ثروته لتجاوزت زكاته موازنة صندول المعونة الوطنية كاملا ، فقلت له مازحا عندي رجل له بذمتك الف دينار يطالب بتسديدها ، ففوجىء الرجل بما قلت وقال كيف ومن !! فأجبته بغلظة ( وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) بدنا زكاة الف دينار لمحتاج في ضيق شديد ...عندك مانع ؟؟ فقال ابدا أبدا ، وارسل المبلغ في نفس اليوم ، وبعد أسبوع جاءني من يعاتبني ناقلا على لسانه قوله ( الصبيحي بده يدفعنا ضريبة لجيبته ) !! ولم أعاتبه حتى الان وأظنه سيقرأ هذا المقال فوالله لولا القانون لجمعت الفقراء على بابه طوابيرا يأخذون حقهم بأيديهم حتى يتعلم حفظ لسانه وحفظ حق الله في ماله .

هناك من يقول أن ودائع أغنياء الاردن في الخارج تجاوزت عشرة مليارات دينار وبعضهم يقول أنها خمسة عشر مليارا يمتلكها مائة وعشرون أردنيا .. اللهم لاحسد .. ولكن زكاة عشرة مليارات بواقع أثنين ونصف بالمائة سنويا تبلغ 250 مليون دينار سنويا ،، بالله عليكم لو أخرج هؤلاء زكاة أموالهم فهل سنسمع عن فقراء في الاردن ؟؟ .

هناك أصحاب ملايين يتفننون في التهرب الضريبي ويوظفون لديهم خيرة المحاسبين العارفين بفنون التهرب الضريبي ، فهل هناك محاسب مهما بلغ من العلم والمعرفة يستطيع أن يرشد غنيا الى كيفية التهرب من حساب رب العالمين على حق السائل والمحروم في أموالهم ؟!