من يدفع ثمن التحفيز؟

تحفيـز الاقتصاد اصطلاح جـذاب، وقد يكون مفيـدا سياسيا وإعلاميا، ولكن وضعه موضع التنفيذ على حساب الخزينة قد تكون له نتائج خطيرة في حالة بلد يشكو من ثقل المديونية واتساع فجـوة العجز.
التحفيز كما مورس في الدول الصناعية يتطلب مخصصات ماليـة ضخمة، وليس مجـرد تصريحات وشعارات. في حالة الأردن هذه المخصصات غير متوفرة، فالمطلوب تخفيض العجز بتخفيض النفقات وليس زيادتها باسم التحفيز.
التحفيز يكون مطلوبا بإلحـاح عندما يعاني الاقتصاد الوطني من ركود شـديد ويحقق نموا سـالبا، أما في حالتنا فإن هناك تباطـؤا، ولكن النمو الإيجابي مستمر، وقد تحقـق بنسبة 3% هذه السنة، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 4% في السنة القادمة بدون تحفيز غير ما هو وارد في الموازنة العامة.
التحفيز الآن متأخر كثيرا، فقد حصل في الاقتصاديات الصناعية قبل أكثر من سنة، حيث بدأت تلك الاقتصادات بالانتعاش، وبدأت الحكومات باسترداد الأموال التي استخدمتها في التحفيز، وفي حالتنا ليس المطلوب الذهاب إلى الحج والناس راجعين!.
تحفيز الاقتصاد، إذا تقرر، سيكون الغطاء الذي يسـتخدم لتنفيع بعض الجهات الغير مؤهلة للحصول على المال من البنوك، وتريد بدلا من ذلك أن تحصل على المال العام أو الضمانات الحكومية تحت اسم التحفيز.
أمر طبيعي أن تفشـل بعض المنشآت فتخـرج من السوق، فالحرية الاقتصادية لها ثمن، ولا يجـوز أن يطالب رجال الأعمال والمستثمرون بعـدم تدخل الحكومة في شؤونهم في أوقات الرواج، ثم يعودون إلى أحضان الحكومة لتحملهم على أكتافهـا في أوقات الركود، فهـم عند تحقيق الأرباح رأسماليون حتى النخاع، وعند خطر الإفلاس اشتراكيون متطرفون!.
الاقتصاد الأردني جسـم حي، فيه خلايا جديـدة تولد كل يوم، وخلايا قديمة تذبل وتموت وعلى الجسم أن يتخلص منها. وفي السوق التنافسية هناك من ينجح ومن يفشل، والحكومة لا تتكفل بشؤون الفاشـلين.
في جميع الحالات، فإن على من يريد التحفيز، أو انتشال الغارقين، أن يراجع وزير المالية بخصوص تدبير المال اللازم، والجواب معروف سلفا، فهذا الوزير له تاريخ ولم يأت للانهماك في تكثيف عمليات الاقتراض وتسمين العجز والمديونية لتلبية الطلبات التي ستنهال عليه.