نوبل للسلام بدون سلام

تسـلم الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام وألقى بالمناسبة خطابا دافع فيه عن الحرب إذا كانت عادلـة. والمعروف أن كل الذين يشـنون الحروب يصفونها بأنها عادلة وذات أهـداف نبيلة، حتى بوش الذي يستحق جائزة إله الحرب كان يؤكـد أنه هاجـم العراق دفاعا عن النفس، ومن أجل الديمقراطية وحماية السلام العالمي من أسلحة الدمار الشامل. بل أنه أعلـن رسميا أن إسـتراتيجية إدارته تقـوم على أساس الحرب الاستباقية فالحرب هي خياره الأول لمواجهة التحديات.
جائـزة نوبل للسلام تمنح لمن يحقق إنجازا باتجاه السلام، ولكن أوباما منح الجائزة سلفا ثم طلب منه أن يستحقهـا عن طريق تحقيق السـلام. والسلام الوارد في الأذهان هو السـلام العربي الإسرائيلي الذي لم يحـقق أوباما شـيئا في اتجاهه حتى الآن.
أوباما تسـلم جائزة السلام في الأسبوع الذي قـرر فيه إرسال 30 ألف جندي إضـافي لتعزيز الجيش الأمريكي المقاتل في أفغانستان ليصل تعـداده إلى 100 ألف.
الحرب على أفغانسـتان بدأت حربا دفاعية ردا على إيواء تنظيم القاعدة الذي اعتدى على أميركا في 11 أيلول 2001، ولم تحقق الحرب أهدافها، فأفلت أسامة من لادن وأنصاره، وما زالوا أحرارا ويشـكلون تهديدا لأمن أميركا وحلفائها.
لماذا تسـتمر أميركا في حربها طالما أن قيادة القاعدة كامنة في مكان غير معروف، ولا يمكن الوصول إليه بالوسائل العسكرية.
نفس أميركا قصير، فهي لا تطيق الخسائر البشـرية ولا تستطيع أن تحارب إلى ما لا نهاية، وكل جنـدي أميركي في أفغانستان يكلف مليون دولار سنويا، أي أن كلفة الحرب خـلال العام القادم سـتكون في حدود 100 مليار دولار. وإذا كانت أميركا ستنسحب من أفغانسـتان في 2011 وتتركها لسيطرة طالبان، فلماذا لا تنسـحب اليوم لتوفير المال والدماء طالما أن النتيجة محتومة كحرب فيتنام.
أميركا لا يمكن أن تنتصر في أفغانستان، وليس لها مسـتقبل هناك حتى لو قتلت آلافا من أنصار طالبان.
لا يسـتطيع أوباما تحقيق السلام في أفغانستان لأنه متهم داخليا بالضعف والإشراف على تراجع أميركا وهزيمتها. ولا يستطيع تحقيق السلام في الشرق الأوسط لأنه تحت ضغط اللوبي اليهـودي وسوف يتهم بالإسلام واللاسامية لو حاول.