استخلاصات من حرب الابادة على غزة

المقصود; الحرب الهمجية التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة وحملت اسم »الرصاص المسكوب« حرب تمر الذكرى الاولى لحرائقها المدمرة التي لا تزال مستمرة باشكال اخرى, من الحصار المحكم على الارض الى تدهور الخدمات الصحية والغذائية والانسانية المستمر لمليون ونصف المليون فلسطيني.

اما الاطراف التي عليها مهمة استخلاص الدروس والعبر فهم الفلسطينيون او بالتحديد قياداتهم المتنازعة في رام الله وتلك الموجودة في غزة. واذا كان لي ان اسارع في الحكم, فاقول, اعتقد بان الطرفين لم يكونا مكترثين طيلة العام على استخلاص اي عبرة وتوظيفها في معركة التحرير. والدليل ان المصالحة بينهما اصبحت متعذرة مع ان الرد على تلك الحرب يكمن في المصالحة.

يترسخ الآن خياران متناقضان لشعب واحد يقع تحت الاحتلال. مما يجعل مقولة »التناقض مع العدو« خلف الظهور.

الخيار الاول: مواقف وسياسات الرئيس الفلسطيني محمود عباس. التي يحرص على ترديدها في كل مناسبة. وملخصها: ان خياره هو (المقاومة السلمية) والمفاوضات. وهو يعلن انه ضد المقاومة المسلحة. وقد اوضح اكثر بانه ضد اندلاع انتفاضة جديدة. وهذا مطبق حاليا ومعتمد سياسيا ونضاليا في الضفة الغربية المحتلة.

الخيار الثاني: مواقف حماس. وملخصها »المقاومة المسلحة« ورفض الحلول المطروحة على المفاوض الفلسطيني في رام الله. وهذا مطبق في قطاع غزة. مع »الهدنة« بديلا للمفاوضات.

واذا ما بحثنا بموضوعية في نتائج هذا الاستقطاب بين خيارين متناقضين في مواجهة احتلال استيطاني بقوة السلاح وبممارسات هي الاشد همجية في التاريخ الحديث. نرى ان كلاهما منفردا, يفتقر الى مقومات الاستمرار والنجاح.

عندما تعلن السلطة في رام الله, انها متمسكة بالمقاومة السلمية وترفض المقاومة المسلحة فان عليها ان تدرك ان فلسطين ليست الهند في مواجهة بريطانيا الاستعمارية. وعباس ليس غاندي. فالاستعمار في الهند كان معسكرات جيش اجنبي وحاكم عام وشركات. وكان سلاح غاندي في مقاطعة البضائع البريطانية اشد فتكاً من السلاح.

في فلسطين, احتلال فريد, ليس مجرد معسكرات وحواجز ومعتقلات, انما منازل تزحف مع مستوطنيها لتطرد الفلسطيني من ارضه وتحاصره حتى في الطابق الارضي من منزله. هذا احتلال لا قَبْله ولا بَعْده في كل العصور.

المقاومة السلمية. لها فوائد وذرائع منطقية في الضفة مثل مساعدة الناس على الصمود وبقاء المدن. لكن الى متى يصمد ذلك ونحن نشاهد الغزو الاستيطاني يزحف الى قلب المدن. كما يجري حاليا في القدس والخليل كما ان تعايش مليون ونصف المليون فلسطيني مع اسرائيل (داخل الخط الاخضر) لم يوقف الاستيطان والتمييز والاقصاء ومشاريع الترحيل.

ايضا. خيار المقاومة, المرفوع في القطاع لا يقود, وحده, الى التحرير. انه بلا شك اكثر نجاحا في اثارة قضية الاحتلال. وكشف جرائم اسرائيل. وفي حشد التأييد العالمي, على مستوى الشعوب. لكن حصاده على ارض غزة حصار يوزع المعاناة القاسية على مليون ونصف المليون بما يفوق احتمال البشر. حصار كما وصفته 16 منظمة اغاثة دولية بانه »يمثل خيانة وخذلان القوى العالمية لسكان غزة المدنيين«.

فقط, باعادة اللحمة الفلسطينية بين غزة والضفة, وبين شعاري المقاومة السلمية, والمقاومة المسلحة تعود الى قضية فلسطين حيويتها كقضية تحرير عادلة. اما استمرار الوضع كما هو عليه اليوم. فالسلبيات تشطب الايجابيات في السياستين والخيارين. ولا سبيل غير المصالحة وتقديم شعار التحرير على طروحات فتح وحماس الحالية, التي تتمحور حول وسائل الاحتفاظ بالسلطة اولا واخيرا.0