ملف العراقيين في الاردن

تم نشره الخميس 24 كانون الأوّل / ديسمبر 2009 02:23 صباحاً
ملف العراقيين في الاردن
ماهر ابو طير

امام من يهمه الامر ، ملف هام جدا ، يتعلق بالعراقيين في الاردن ، وهو ملف تعرض الى تقلبات شديدة ، خلال السنوات الماضية ، وبيننا ما يزيد عن نصف مليون عراقي اغلبهم بلا اقامات رسمية.

العراقيون في الاردن ، يعانون اشد المعاناة ، والحكومة السابقة ، خففت قيود الاقامة جزئيا ، وسط تحفظات لجهات عديدة ، غير ان غالبية العراقيين ، لم يلمسوا تغييرا جذريا في وجودهم ، فلا هم قادرين على العودة الى العراق ، ولا هم قادرين على دفع غرامات الاقامة ، ولا هم قادرين ايضا على المغادرة الى جهة ثالثة ، باستثناء حالات حصلت على اقامات في دول اجنبية من باب اللجوء السياسي.

احدى الفتيات العراقيات ، وقد كتبت عنها في وقت سابق ، تمت خطبتها من شاب اردني من عائلات السلط المعروفة ، وحين ذهب ليُتمم معاملة الزواج في وزارة الداخلية ، فوجئ بالطلب منها دفع غرامات ، عن سنوات اقامتها ، وحين تم احتساب المبلغ وصل الى خمسة الاف دينار ، ومشروع الزواج انهار عند هذه اللحظة ، فلا الفتاة ، ولا الشاب يمتلكون هذا المبلغ ، وقد افهم تحفظات الداخلية لاسباب اجتماعية وامنية ، لكنني لا افهم ان تتم معاملة العراقي بهذه الطريقة من حيث المبدأ ، فوجود العراقي اشرف بكثير من وجود عشرات الجنسيات الاخرى المرحب بها ، والتي تعمل في مساءات عمان ، في مهن "شريفة وعفيفة" ، مع تحفظي على المقارنة اساسا ، وان كانت جائزة من باب المبدأ القانوني ، وغير جائزة اخلاقيا ودينيا وعروبيا.

العراقيون في سنين عزهم وضعفهم ، لم يقصروا معنا ، وكان النفط العراقي ، وعشرات المليارات ، تأتي الى البلد من التجارة والمشاريع ، وتخرج من جامعات العراق عشرات الاف الطلبة الاردنيين ، من اطباء ومهندسين ومحامين ، درسوا مجانا ، ولم يعاملهم العراق باعتبارهم ضيوفا ولا غرباء ، ولا.. لاحقهم من اجل غرامة او اقامة. والاردن لم يدر ظهره للعراق ايضا ، في سنين الحصار والحرب ، غير ان علينا ان نتذكر ان ماكان يقدمه صدام حسين ، لم يكن من حسابه الشخصي. هو مال الشعب العراقي ، الذي لا يجوز ان ننساه اليوم ، شعبيا ، كما يقول البعض بذريعة ان العراقيين فرطوا بصدام حسين ، وعلينا ان نعاقبهم اليوم ، وهي نظرة شعبية مؤسفة ، تدل على مدى السطحية والضحالة لدى كثيرين ، فالعراقي هو العراقي ، ايا كانت مساعي البعض لتشويه سمعة العراقيين تحت ذرائع شتى.

المخاوف من الوجود العراقي في الاردن ، لها اعتبارات لدى البعض ، تتعلق بجوانب سياسية ومذهبية ، وغير ذلك من قصص. ما هو مهم اليوم ، هو الافراج عن الكتلة العراقية من سجن الارتهان لشروط الاقامة ، فالعراقي لن يكون قادرا على دفع المبالغ المطلوبة منه كغرامات ، اذا حسبناها وفقا لنظام الغرامات. البعض يقترح تسوية مع الجهات الرسمية بحيث يتم منح كل العراقيين في الاردن اقامات رسمية ، مقابل مبلغ محدد للفرد كخمسمائة دينار او اقل ، وتسييل هذه المبالغ سيضمن للخزينة رقما كبيرا من المال في ظل عجز الموازنة ، كما ان حصول العراقي على اقامة بهذه الطريقة سيساعده على السفر الى خارج الاردن ، وعلى الحركة ، خصوصا ان كثرة منهم تريد المغادرة الى غير العراق ، لكنها لا تتمكن بسبب حاجز الغرامات ، والاقامة غير المشروعة. شخصيا انا مع اعفاء العراقي من كل غراماته ، ومنحه اقامه حتى بدون مقابل ، لان العدل والاخلاق تفرض ان نرحم العراقي اليوم ، وان لا نعايره بخبزه وبشربة الماء ، وباقامته بيننا ، وقد كان يقسم معنا خبز اولاده ، في عز الحرب مع ايران ، وفي عز الحصار ، فأين الاخوة اذن ، وأين زرع العراق الذي لا بد ان يُثمر ، في معاملة ابنائه.

كما شاركناهم في خبزهم ومائهم ونفطهم ، في يسرهم وضيقهم ، فمن حقهم علينا ، ان لا يمشوا في شوارع عمان خائفين قلقين ، من قبضة الشرطي ، واذا كنا بلا ذاكرة ، فان المصلحة العليا للبلد ، تفرض ان نستعيد الوجود العراقي الاجتماعي والاقتصادي ، بعد ان هربناهم الى دول الجوار بكثرة "النق" على رؤوسهم ، مع مراعاة البعد الامني ، الذي لا بد ان يكون حاضرا ، ليس من باب الشك في الشعب العراقي ، وانما من باب الحيطة في وجه الاختراقات التي قد يقوم بها البعض عبرهم ، وهي اختراقات مرشحة لان تأتي لا سمح الله ، عبر اي جنسية اخرى ايضا.

وزير الداخلية تاريخه قومي ، ونظيف ، ولا بُد ان يجد حلا جذريا لهذا الملف ، مع من يهمه الامر ، اذا كان لدينا من يهمه الامر حقا.

mtair@addustour.com.jo





مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات