الهروب من مزالق السياسة الى القصة الأزلية الثابتة!!

أكثر ما ينزع صباح الكاتب وقوع خطأ أو أخطاء طباعية في مقاله اليومي تقلب المعنى أحياناً. واسوأ من ذلك ما يسقط سهواً أو يتم اسقاطه من عبارات وفقرات من المقال تخل بتوازن الفكرة التي يريد الكاتب ايصالها خاصة عندما يتعلق الموضوع بشأن تقييم سياسي شخصي أو عام،،
كانت "استراحة السبت" في الاسبوع الماضي تحت عنوان «بعض ما عايشته وعرفته عن طاهر المصري وزيد الرفاعي» والذي كان ضمناً مفهوماً انه كتابة حول موضوع التغيير في مجلس الأعيان الذي كان حديث الناس ، وهذا رد على من سألني: لماذا كتبت هذا المقال ، ولا أكشف سراً ان الكاتب كثيرا ما تغريه الكتابة حول الخبر الذي يكون حديث الناس.
في استراحة السبت الماضية سقطت أو تم اقساط بعض الفقرات ، وكان يفترض ان انتبه قبل أن اكتب ، الا ان ذلك يمكن ان يحدث وكان يفترض ايضا ان انتبه الى انه يصعب كتابة مقال خفيف في موضوع ثقيل،،
وهو ما يدفعني لأن اعتذر بشدة للقارىء الذي وعدته بأنني سأكمل سرد الذكريات والانطباعات عن مرحلة ما بعد العام 1973م،
وسأريح وأستريح من هذا الموضوع في استراحة السبت اليوم لاتحدث عن موضوع المرأة والحب ، أو بالاحرى القصة الازلية للرجل والمرأة التي بدأت بآدم وحواء ، وهي قصة لم تتوقف ولن تتوقف ما دام على الارض بشر..
وفي الوطن العربي تنشغل المجتمعات هذه الايام بما يتردد لحساسية بالغة في بعض المجتمعات المحافظة من شكوى انفلات العلاقة بين طلاب وطالبات الجامعات بشكل خاص والانفلات عموما ، وهنالك ملاحظات وخطب في المساجد وطوفان برامج فضائية تتحدث عن لباس المرأة وفي مصر وهي اكثر بلدان العالم العربي تقدما في التجربة وتشكل الدولة ، وينشغل المصريون بالحجاب والنقاب كقضية القضايا حاليا ، وفي السعودية اثارت فتوى رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ احمد الغامدي بجواز الاختلاط بين الرجال والنساء جدلا صاخبا..الخ.
اسمحوا لي على هامش قضية الاختلاط والحجاب والنقاب ان اسأل سؤالا قد يكون ساذجا ، ولكن من مشاهدتي لجموع الحج الهائلة بالملايين هذا العام وفي كل الاعوام الماضية ، تذكرت ان الاختلاط الذي يصل الى حد الاحتكاك بسبب الازدحام والزحام ، واقع في موسم الحج وفي ذروة اللحظات الايمانية للانسان المسلم ، كما تذكرت ان المرأة لا تغطي وجهها ولا يديها في الحج...الخ.
نعود الى موضوعنا لأشير الى انني لا اقصد ان اتبنى وجهة نظر ، لكني اطرح اسئلة لاقول ان الرجل منذ الازل انشغل بخفايا سحر جسد المرأة ، كما يقول المخرج الفرنسي روجيه فاديم الذي تزوج نجمات السينما العالمية من بريجيت باردو الى كيم نوفاك ، لكنه كما يقول ظل كل ما يشغله في الحياة انه لم يحفظ تفاصيل جسد المرأة،،
وفي التراث العربي ألف باحث قديم كتابا عن الكاحل - اي كعب رجل المرأة - وعن سحر هذا الكاحل الانثوي وبصبصة الرجال عليه اذا سمح انحسار اللباس عن كعب رجل المرأة ان تلمه عيون الرجال كأقصى ما يمكن ان يظهر من جسد المرأة.
ولو ان النابغة الذبياني قد تخيل في ذلك الزمن السحيق سقوط «النصيف» وهو تقريبا الوزرة التي تلف حول الخصر لتغطي نصف المرأة من عند السرة الى أخمص القدم ، فقال قصيدته المشهورة في المرأة التي وصفت بأنها أجمل نساء ذلك الزمان وهي زوجة النعمان ملك الحيرة ، اما مطلع تلك القصيدة فهو:
سقط النصيف ولم ترد اسقاطه
فتناولنه واتقتنا باليد
ويقصد انها غطت عورتها بيدها عندما وقع النصيف ، وهكذا أهدر النعمان دمه بعد ان هرب ، حيث لا ينفعه الهرب كما يقول في القصيدة التي اسمها «المتجردة» عن المرأة التي لا يعرف احد اسمها الحقيقي ، لانها سميت المتجردة أي باسم القصيدة مع عدم استبعاد ان يكون اسمها «المتجردة» وانه استوحى القصيدة من الاسم،،
ومما قاله بشأن حتمية مصيره الاسود:
وأني لأدري انت لا بد مدركي
وان خلت أن المنتأى عنك أبعد
ولا تزال قصة المرأة والرجل وتحديدا جسد المرأة في سمة المجتمعات الذكورية رغم شيوع العري في بعض المجتمعات مسألة تلهب خيال الرجال ، وهي كذلك كانت في الاساطير والروايات التاريخية ، كما يفيدنا بذلك زميلنا الاستاذ سمير عطا الله باستذكار بعضها ، وهكذا نجد حكايات في كل المجتمعات والازمان القديمة قبل الحديثة ، ومن ذلك ما تقوله احدى الاساطير الاسكندنافية حيث تروي ان ملكاً تزوج أميرة جميلة جداً ، وبسبب الحقد عليها أشاعوا أن لها قدم بطة ، ولم يستطع الملك أن يرى قدميها ، فهي مغطاة بملابس طويلة ، وحتى لا يجرح شعورها وفي نفس الوقت يعرف الحقيقة حفر لها قناة وسط الحديقة ، وجعل القناة واسعة حتى إذا جاءت الأميرة كان لا بد أن تشمر عن ساقيها ، وفعلت ورفعت ثوبها ليرى الملك قدمين جميلتين ، لا قدم بطة ولا أوزة ، وتبددت الشائعة.
هذه الشائعة ظهرت قبل أو بعد ذلك عن بلقيس ملكة سبأ ، قيل إن لها ساقي ماعز ، فلما ذهبت إلى الملك سليمان أراد هو الآخر أن يعرف ، فاستضافها في قصر أرضه من الزجاج ، فلما دخلت القصر خيل إليها أنها لجة من الماء فكشفت عن ساقيها ، وتأكد الملك أن لها ساقين جميلتين ، فلا هي ساق ماعز ولا قدم بطة.
وملكة سبأ لا نعرف لها اسماً ، وفي القرآن الكريم لم يرد اسمها ، وأما بلقيس هذه فهي كلمة يونانية ومعناها: الغازية أو الفاتنة وأصبحت الصفة اسماً على الملكة.
ومن الغريب أن الأسطورة الاسكندنافية تقول إن الأميرة قبل أن تنزل إلى الحديقة للقاء الملك الذي هجرها أسبوعاً عندما قيل له أن لها قدم بطة ، دخلت الحمام وملأت الحمام باللبن الدافئ والعطور ، وكذلك فعلت بلقيس ، فقد ملأت حمامها ببول الإبل ولبن الأتان (أنثى الحمار) ووضعت الكثير من العطور حتى تلقى الملك في قمة جمالها وكمالها ، وأغرب من ذلك أن كليوباطرة قبل أن تنتحر تجملت كأنها تريد أن تزف نفسها إلى الموت ، فملأت حمامها ببول الأتان والعطور المصرية والأفريقية القوية.
ومنذ عرفت بلقيس وكليوباطرة والأميرة الاسكندنافية أن لهن سيقاناً جميلة ، تقول الأسطورة أيضاً أنهن وراء الأبواب كن يتحركن عاريات تماماً لامعات معطرات السيقان،