ترسيم حدود!

تم نشره الأحد 27 كانون الأوّل / ديسمبر 2009 03:12 صباحاً
ترسيم حدود!
ماهر ابو طير

ابدعت الحكومة في قصة "مدونة السلوك" بشأن العلاقة بين الحكومة والصحفيين ، وما دمنا فتحنا الملفات ، فلُنكمل معالجتها حتى النهاية بشأن اوراق اخرى.

الحكومة تريد ترسيم الحدود بين السلطة التنفيذية والصحافة ، وتريد خفض النفقات المالية ، وان يعود كل شيء الى اساسه وطبيعته. حسنا. اين بقية الملفات في هذا التوجه بشأن غير الاعلاميين. كم عدد مستشاري وخبراء امانة عمان الكبرى من غير الاعلاميين وفي مجالات متعددة ، وما هو مقدار رواتبهم؟. هل هناك رواتب وعقود بعشرات الاف الدنانير سنويا ، وكم عدد المستشارين والخبراء من غير الاعلاميين في سلطة العقبة الخاصة؟ كم عدد المستشارين والخبراء من غير الاعلاميين بعقود لدى المؤسسات المستقلة وشبه المستقلة؟ كم عدد الخبراء والمستشارين من غير الاعلاميين ، لدى الجامعات والبلديات والمؤسسات العامة ، والمؤسسات التي يساهم فيها الضمان الاجتماعي؟ كم عدد المستشارين والخبراء من غير الاعلاميين الذين يتم تعيينهم على حساب المشاريع والمنح؟ وما هو مقدار رواتبهم؟ وعلى اي اساس تم تعيينهم؟ كم عدد الذين تم تعيينهم في الوزارات بعقود من خارج الاعلاميين ، وما قيمة عقودهم ، وهل تساوي كفاءاتهم؟ وعلى اي اساس تم تعيينهم؟.

قد يستشف البعض ظُلما انني احرض ضد الحكومة ، واريد ان تستغرق في حروب رئيسية وثانوية. برغم انني لست مُتضررا. القصة ليست كذلك. الرسالة واضحة ومباشرة. ما دمتم فتحتم الملف فعليكم ان تُكملوا حتى النهاية ، لان ليس من العدل من "باب الاشارة" ان يتم اطلاق "مدونة السلوك" وهي تحوي رسائل وكأن الوسط الصحفي فاسد ومخترق ويتم شراء ذممه بوظائف حكومية ، وبأعطيات من فوق الطاولة وتحتها. انا اؤيد المدونة ، واعرف ان من يرفضها فقط هو المتضرر. لكن.. علينا ان لا نستغرق في شتم ذاتنا وكأن المشكلة هي في الوسط الصحفي ، وتحريره يكون بصرف عشرات الموظفين من اعمالهم ، فيما بقية الاوساط سالمة ، ولو عدنا الى "الوثائق" لاكتشفنا خللا في كل القطاعات ، من حيث الرواتب واسباب التعيين.

علينا ان لا نُكرر الفعلة حين تم نقد الصالونات السياسية ذات يوم ، فخرج كل المسؤولين المتقاعدين ليشتموا الصالونات السياسية.. اذن من كان المقصود يومها؟؟ ما دام الجميع ينتقد ، والجميع كان اساسا مقصود بالاشارة ، وما دمنا شركاء في الجريمة ، ونُندد بالمجرم المبني للمجهول لكل صحفي محترم يؤيد ترسيم العلاقة بين الحكومة والصحافة ، وليعرف كل طرف ما له وما عليه ، وليكف المسؤولون شرهم عنا اولا ، فلا يغازلون صحفيا ، ولا يُهددونه ، ولا يتحّردون عند كل كلمة. المدونة ممتازة. لكنها تأخذنا الى ما هو ابعد.. الى حدود السؤال حول من صنع هذه الظواهر؟ هل هي الحكومات؟ ام الصحفيون؟.

لماذا يتم تجريم الوسط الصحفي ، ويصير الصحفي مشتوما مشكوكا فيه ، ولا يستطيع كثيرون ان يُفرقوا بين الصحفي الجيد وغير الجيد ، وبين المقصود وغير المقصود ، لان المواطن يسمع فقط عن صحفيين يرتشون وصحفيين تريد الجهات الرسمية اعادتهم الى مربع العمل المهني. الى بيت الطاعة الصحفي. المدونة مرة ثانية ممتازة ، لكن دون ان يتم تسخيرها لجلد الوسط الصحفي ، على عموميته ، ودون ان يتم توظيفها لجعل الصحافة في خانة المسترزق ، عبر وظيفة او اشتراك. بصراحة الحكومات هي التي صنعت هذه الظواهر ، واذا بدأنا بمعالجتها فعلى الحكومات ان تتحمل ثلاثة ارباع المسؤولية ، لا عكس الصورة ، وتحميل سوداوية المشهد للصحفيين.

ندعم الحكومة بشدة على جرأتها وقدرتها على ترسيم المسافات ، وهو امر مُرحب به ، وننحاز له ضمن التعريفات السابقة فقط ، ونُذكر ان اي ممارسة سلبية كانت من فعل القلة لا.. الاغلبية ، وعلى الاغلبية ان ترحب بالترسيم ، دون ان تستغرق في جلد وسطها المهني ، ايضا ، لاننا نعرف ان الحكومات هي التي ابتلعت الاعلام والاعلاميين ، وفتحت مدار الشهوات. اليوم نحن بحاجة الى مواصلة العلاج ، وان نفتح ملف الرواتب والعقود في كل المؤسسات العامة ، من الوزارات الى امانة عمان الى البلديات الى المنح والتمويل والمشاريع ، والجامعات والمؤسسات المستقلة ، وغير ذلك من مؤسسات. علينا ان نفتح ملف كل هذه التنفيعات لغير الاعلاميين ، ليس من باب النكاية واستدعاء الحروب الصغيرة ، بل من باب العدالة ، والتطهير الكلي ، لكل ما في المشهد من اختلالات.

ترسيم الحدود جدي ولن تتراجع الحكومة عنه تحت الضغط او التهويب ، على مايبدو ، لكنه ايضا ترسيم حدود غير مُكتمل ، ولا بد ان يكتمل بمعالجة بقية الملفات ، فالموت مع الجماعة رحمة،،.

mtair@addustour.com.jo



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات