الاعلام يقود مؤشر الديمقراطية الى الأمام

أظهر استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية تحسنا في تقويم الرأي العام لمستوى الديمقراطية في الاردن, فعلى مقياس من عشر نقاط بلغ متوسط الديمقراطية 6.9 مقارنة بـ 6.7 العام الماضي.
لم يكن هذا التحسن الطفيف ناجما عن تطور جوهري في التشريعات او »في »صلب خيارات النظام السياسي«, انما يعود الى الانطباع السائد لدى اغلبية الرأي العام بأن الديمقراطية هي »حرية التعبير والرأي وحرية الاعلام والصحافة«.
في غياب مظاهر الديمقراطية المعروفة »المشاركة في صناعة القرار وحضور الأحزاب في المشهد السياسي« وغيرها من اساسيات الحياة الديمقراطية, لا يجد المواطن الاردني غير وسائل الاعلام مؤشراً لقياس الديمقراطية باعتبارها حرية تعبير حسب تعريف نصف المستجيبين في الاستطلاع.
التوسع الحاصل في وسائل الاعلام وارتفاع سقف الحرية وتوفير المزيد من الضمانات التشريعية والسياسية لحرية التعبير شكل في مجمله انطباعا ايجابيا لدى الرأي العام حيال مستوى الديمقراطية في البلاد. وهذا الانطباع يعكس مدى التأثير الذي تلعبه وسائل الاعلام في تشكيل الرأي العام الاردني. واضافت نتائج الاستطلاع عوامل اخرى ساهمت مجتمعة في تكوين انطباعات ايجابية دفعت بمؤشر الديمقراطية الى التحسن.
لكن الاعلام ما زال هو العامل الاساسي الذي يقود مؤشر الديمقراطية صعودا او هبوطا.
في المقابل ما زالت المفاهيم المتصلة بجوهر الديمقراطية مضطربة لدى الرأي العام ومتناقضة احيانا, ففي الوقت الذي تعتبر الاغلبية النظام الديمقراطي هو الأنسب للأردن يبدي القطاع الاوسع عزوفا عن الانخراط في الحياة الحزبية. ويتجلى الاضطراب في المفاهيم عند مقارنة موقف الرأي العام من النظام الديمقراطي والاصلاح السياسي. ففي استطلاع الرأي حول تشكيل حكومة سمير الرفاعي حل الاصلاح السياسي في ادنى سلم اولويات الناس. وفي الاستطلاع الاخير حول مستوى الديمقراطية اعتبرت الأغلبية ان النظام الديمقراطي - وهو محصلة الاصلاح السياسي - هو الافضل لحل مشكلتي الفقر والبطالة والفساد المالي والاداري. هذا التناقض في المفاهيم يعكس عدم ادراك الاغلبية بأن الاصلاح السياسي هو الطريق لقيام نظام ديمقراطي قادر على حل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية.
وبينما تعتبر الاغلبية حرية وسائل الاعلام وقدرتها على انتقاد الحكومات مظهرا اساسيا للديمقراطية ما تزال الاغلبية ذاتها »74%« تخشى انتقاد الحكومات علنا, اي انها تعتمد على الاعلاميين والكتّاب ليجازفوا بالنقد وتحمّل تبعاته نيابة عن »ثلاثة ارباع المستجيبين« الذين يكتفون بالتعبير عن آرائهم بحرية في اللقاءات المغلقة والخاصة مع »الاهل والاقارب والعشيرة والاصدقاء«.
المفاهيم المضطربة عن الديمقراطية والانطباعات المشوشة هي نتيجة طبيعية للتعثر الذي صاحب عملية التحول الديمقراطي وحالة الارتباك والتردد التي سادت لسنوات تأرجحت خلالها ارادة الدولة تجاه مسار الديمقراطية بين خطوة الى الامام وخطوات الى الخلف وفي المحصلة وجد الاردنيون انفسهم عالقين في مرحلة التحول لا هم تقدموا صوب الامام ولا ارتدوا الى الخلف فاختلطت عليهم المفاهيم وما عادوا يميزون بين الديمقراطية والحرية.0