خطوة للأمام وأخرى للخلف

في العالم انتعاش اقتصادي ملموس ، وهناك مؤشرات مالية واقتصادية متعددة تدل على قرب الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية ، ولكن هذه المؤشرات ليست مستقرة تماما فهي تعطي قراءة إيجابية اليوم وسلبية غدا أو خطوة إلى الأمام متبوعة بخطوة إلى الوراء.
حركة الانتعاش الاقتصادي موجودة عالميا ولكنها غير مقنعة ، وربما مهددة بالانتكاس . ومع أن الانتعاش حقيقة لا خلاف على وجودها ، لكن هناك خشية من أنها ليست مستدامة ، فهي بنت حزم الإنقاذ السخية التي قدمتها الحكومات الغربية عندما غمرت الأسواق بالسيولة. والسؤال الآن ما إذا كان هذا الانتعاش مصطنعا وأنه سينتكس لأن الحكومات توقفت الآن عن ضخ المزيد من السيولة ، وبدأ بعضها عملية استرداد ما دفعه لتعويم البنوك والشركات التي كانت مهددة بالإفلاس.
من حق المتعاملين في البورصات الغربية أن يتفاءلوا عند الإعلان عن مؤشر اقتصادي يعطي قراءة إيجابية فيندفعوا للشراء قبل أن يفوتهم القطار فترتفع مؤشرات الأسعار ، وأن يتشاءموا عند صدور تصريح يشكك بقوة حركة الانتعاش ، أو يعرب عن القلق من احتمال انتكاسها ، فيندفعوا للبيع حماية لمراكزهم المهزوزة ، فتنخفض مؤشرات الأسعار ، وهكذا.
حالة عدم اليقين هذه لا تنطبق علينا في الأردن فالنمو الإيجابي الذي تحقق في العام الحالي ليس نتيجة حزمة إنقاذ حكومية مدعومة بملايين الدنانير لتعويم البنوك والشركات ، وبالتالي فإنه نمو حقيقي مرشح للاستمرار . وإذا كان النمو هذه السنة في حدود 3% ، فإن التوقعات المتحفظة تضعه عند مستوى 4% في السنة القادمة.
فيما عدا التراجع الكمي في قطاع التعدين ، والجمود النسبي في بعض مكونات القطاع العقاري ، فإن معظم قطاعات الاقتصاد الأردني الأخرى تبدي تقدما ملموسا ، وتسجل تحسنا ، وتتوقع الأفضل. الاستثناء الذي يلفت النظر هو سياسة الخطوة إلى أمام المتبوعة بخطوة إلى الوراء من جانب المتعاملين في بورصة عمان ، حيث يعبر المتعاملون عن مخاوفهم دون أن تكون لديهم أسباب محددة.
المسؤولون يبدون قدرا من التحفظ في التقييم فإذا قالوا إن الأمور جيدة اتهموا بالتفاؤل على غير أساس ، وإن قالوا إن الأمور صعبة اتهموا بنشر التشاؤم والإسهام في تردد المستثمرين فماذا يقول العاملون في الميدان؟.