تقدير وعرفان

هذه الكلمات ليست مخالفة لمدونة العلاقة بين الحكومة والإعلام، لكنها مجموعة مشاعر ولحظات وفاء لابد أن أقوم بها من هذا المنبر الذي تشرفت به منذ اليوم الأول لصدور "الغد"، وما غبت عنه الا يوما واحدا لاسباب فنية. وهي مساحة لا تقاس بعدد الكلمات والحروف بل بتلك العلاقة الجميلة مع القراء الكرام وكل مريدي الغد. علاقة كانت وستبقى مصدر فخر لأنني أدرك مقدار ما جلبته لي من حب وود مع الناس في مواسم عديدة ومنها هذه الايام.
والكتابة رسالة يقدر القارئ مدى التزام الكاتب بها ومدى المصداقية وحمل هموم الناس والتعامل بمنطلق موضوعي من دون انتهازية او شخصنة او تغييب لمخافة الله تعالى، فالكاتب يرسم صورته لدى الناس الذين يملكون مقاييس خاصة وذكية، وهي مقاييس لاعلاقة لها بالاختلاف بالرأي لكنها مرتبطة بمدى قناعة القارئ بمهنية ومصداقية ما يقرأ ومن يكتب.
والكتابة عمل عام له هدف نبيل في خدمة الدولة والناس وحل المشكلات، وهدفها أيضا إيصال صوت المواطن إلى صاحب القرار وترشيد قرار الحكومات، وكلما كان الكاتب مؤثرا استطاع خدمة الناس بشرط أن يتوفر مسؤول حريص على تجنب الاخطاء ومؤمن بدور الإعلام. والناس تحتاج الى من يقدم مشكلاتها وآراءها، والإعلام والنواب والوجهاء وكل من يستطيع الوصول إلى صاحب الامر يمارس هذا الدور.
وعندما تتاح لشخص فرصة أن يكون قريبا من صاحب القرار وأن يكون صوته قادرا على الوصول، فهذه أيضا رسالة وخدمة للناس والدولة. ولعله خيار صعب أن تختار بين التواصل اليومي مع الناس عبر مقال وبين أن تقترب من دوائر صنع القرار وأن يكون معروضا عليك أن تقدم جهدك ورأيك مباشرة. وكله خدمة عامة ورسالة لكنها من أداء إعلامي إلى عمل سياسي، لكن المهم أن تكون المنطلقات واضحة والإخلاص متوفرا، وذات العقلية والنهج يحكمان العمل في أي ساحة كانت إعلامية أو سياسية.
ليس من السهل أن تغادر مكانا مثل هذه المساحة لكن الخيار الآخر في المسار ذاته، وأقدر كثيرا كل صوت حريص على العمل الصحافي واستمراري هنا وهي مشاعر صادقة، وأقف احتراما لكل مشاعر يقولها أصحابها لي بضرورة أن أبقى كما انا من دون تغيير وهي مشاعر من تجارب أخرى عديدة لأن الناس تعتقد أن السلطة والقرب منها يغيران، لكننا لا نملك إلا أن ندعو لأنفسنا بالثبات على الخير وأن نزيد القناعة بانه ليس هنالك ما يعادل احترام الإنسان لنفسه وإرضاءه لضميره. ونحن نرى كيف تخرج المواقع والمناصب من أصحابها سريعا ولا يبقى إلا السمعة الطيبة والفعل الحسن.
هذه بلادنا والأردن وطننا والناس أهلنا، ومن يريد ممارسة الخير وأن يحافظ على مساحة الخير فيه فإنه قادر أينما كان، ومن أراد غير هذا فيفعل السوء حتى لو كان من دون أي سلطة أو مساحة نفوذ.
كل العرفان لهذه المؤسسة التي أعطتنا فرصة ومساحة تواصل، وتقدير موصول لكل من أعطانا من وقته وقرأ وتابع ومنحنا احترامه وثقته. ودائما الدعاء إلى الله تعالى أن يجعلنا جميعا نعمل حرصا على وطننا وإكراما للمواطن وقبل هذا وبعده تحري رضى الله تعالى. والسعيد من اتعظ بغيره.