في عالم ليس بخير .. كل عام وأنتم بخير

ونحن نطوي الصفحة الأخيرة من روزنامة عام 2009 لا بد أن نلاحظ أن السنة المنصرمة كانت من اسوأ السنوات من حيث الوضع الاقتصادي العالمي جملة وتفصيلاً ، على العالم عامة وبلداننا خاصة،،
لقد عمت سلبيات كارثة الانهيار المالي الذي ضرب امريكا ابتداءً والعالم الرأسمالي الغربي وبقية العالم المتصل بمخلفات العولمة التي عمت الدنيا في السنوات الاخرى وتأثرت بها الدول المندمجة في هذه العولمة والمتحمسة لها كما تأثرت بها بقية دول العالم التي لم تنخرط في العولمة وانما تسربت لها تأثيرات العولمة في ظل النظام الرأسمالي الذي يسود العالم بدرجات متفاوتة.
في هذا العام كان همّ كل حكومات العالم هو التغطية على المخاطر التي تهدد اقتصادها والاوضاع المعيشية القاسية لشعوبها ، لكن الشمس لا تتغطى «بغربال» وكل ما تملكه الحكومات هو كسب الوقت وتأجيل مواجهة الاستحقاقات الصعبة ، ولأسباب سياسية وحسابات اخرى تجري التغطية من قبل القوى النافذة على المخاطر الداهمة هنا وهناك وتحاول ايضا ان تراهن على كسب وقت اضافي،،
وامامنا النموذج الأبرز لمواجهة لحظة الحقيقة كما حدث في دبي مؤخرا الذي يسمي البعض اقتصادها المنتفخ بأنه كان فقاعة وهكذا رأينا كيف ان ابو ظبي هبت لنجدة دبي في حدود معينة ، ولكن التفاعلات مستمرة والتراجع متواصل وتحتاج دبي الى معجزة للخروج من الازمة المالية بالرغم من عوامل ايجابية كثيرة لصالحها وهي دعم ابو ظبي الذي كان قائما اصلا.
وليست دبي هي الاستثناء ففي ظل الارتدادات الزلزالية لكارثة تسونامي الانهيار المالي وما واجهه العالم لاحقا في العام 2009 فان الكل متأثر ومنكوب والأهم هو ان الحلول التي تطرح ومنها ضخ الحكومات وخاصة الغربية لأموال بعشرات المليارات او مئات المليارات قد لا يكون هو الحل ، بل ان وزير الخارجية الالماني السابق «بيير شتانبيروك» يقول ان ضخ الدول للاموال لانقاذ المؤسسات المنهارة او المأزومة يفاقم الازمة ولا يساهم في حلها،،
وحسب تقارير البنك الدولي فان هنالك العديد من الدول مرشحة للافلاس ومنها اليونان التي وصلت مديونيتها الى 450 مليار دولار بنسبة تزيد على %125 من دخلها السنوي وبالاضافة الى اليونان ان ايرلندا وبلغاريا ورومانيا ودول البلطيق تواجه انهيارات اقتصادية ومديونيات فوق طاقتها واستحقاقات داهمة حسب البنك الدولي بما في ذلك واحد من هذه البلدان كان قد حقق نجاحات اقتصادية وهمية وهو ايرلندا لكن دَيْنَهُ العام بلغ مع نهاية هذا العام %900 من ناتجه المحلي حسب التقارير الدولية ، وحتى بلد مثل اسبانيا يصنف اقتصادها بدرجة سلبية مخيفة كما تقول المؤسسة الشهيرة «ستاندرد آندبورز» وعلى رأس هذا العالم الرأسمالي تقف الولايات المتحدة التي تبلغ مديونيتها 12 ترليونا وهذا الخلل في رأس النظام الرأسمالي لن تدفع ثمنه امريكا وحدها بل العالم أجمع،، وكل عام وأنتم بخير.