على هامش استطلاع الديمقراطية

استطلاعات قياس مستوى الديمقراطية التي يقوم بها سنويا مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية هي استطلاعات علمية من حيث المنهجية ولكن ذلك لا يعني قبول نتائجها كحقائق علمية.
قياس مستوى الديمقراطية له معايير موضوعية محددة، وهناك قوائم تصنف دول العالم حسب القرب من الديمقراطية أو البعد عنها، وهي تعطي نتائج علمية يمكن الاعتماد عليها، أما الاستطلاع موضوع البحث فيقيس وجهات نظر وانطباعات المواطن العادي الذي لا تتوفر له إمكانيات إصدار أحكام وفي مقدمتها صحة وشمولية المعلومات المتوفرة له والقدرة على التحليل والمقارنة.
الرأي العـام الأردني يأخذ موقفا سلبيا من النواب السابقين، ولذا أعطى رقما للديمقراطية أعلى من المعتاد في ظل غياب المجلس معظم سنة 2009، انتهاء بحلـه وتأجيـل الانتخابات حتى أواخر 2010. وقد أعرب 62% عن ارتياحهم لحل مجلس النواب دون أن يشـترطوا إجراء انتخابات مبكرة، ولم يتحفـظ ضد غياب المجلس سوى 14%.
ومن النتائج الغريبة أن يقول 61% من المستطلعين أنهم لن ينتخبوا أيا من نواب المجلس المنحل وهي نسبة متدنية لأن 70% من الذين اقترعوا على ذلك المجلس قبل سنتين لم ينتخبوا أيا من النواب الفائزين، بل ذهبت أصواتهم إلى مرشحين لم يحالفهم الحظ، فمن غير الطبيعي والحالة هذه أن يكون 61% فقط من المواطنين لن ينتخبوا النواب السابقين، ذلك أن حالة انعدام الرضى عن المجلس السابق يجب أن ترفع النسبة لا أن تنقصها.
يؤخذ على المركز إعطاء المسـتطلع عـدة خيارات هي لدرجـة كبيرة، لدرجة متوسـطة، لدرجة ضعيفة، مما يسمح للمعلقين بالتوصـل إلى النتائج التي تتفق مع أجنداتهـم، فإن كانوا مع الحكومة قاموا بجمع نسبة درجة كبيرة ودرجة متوسـطة للتوصل إلى الجواب الإيجابي، وإن كانوا في الجانب السلبي اكتفوا بالرقم الخاص بدرجة كبيرة، لأن النجاح بدرجة متوسطة (مديوكر) ليس نجاحا.
وأشـد الأرقام ازعاجأ ارتفاع نسبة الذين ما زالوا يخافون من انتقاد الحكومة علنا، واعتقاد 74% منهم أن انتقاد الحكومة قد يعرضهـم لعقوبات معيشية وأمنية، علما بأن 5ر1% منهم فقط يعرفون مثالا لمثل هذه العقوبات المزعومة.