الفساد.. موجة عابرة ام حرب دائمة?

قضايا تظهر الى السطح بعد جولة الرفاعي على مؤسسات الرقابة والمكافحة
3/1/2010
كما لو ان ملفات الفساد كانت حبيسة الادراج وظهرت الى العلن دفعة واحدة بعد جولة رئيس الوزراء على الدوائر المعنية بمكافحة الفساد والرقابة على المال العام. محض صدفة ام ان الدعم الذي تلقته هذه الدوائر من الرفاعي هو الذي شجعها على اكتشاف 5 قضايا وبدء التحقيق فيها?
بعد الاعلان عن اختلاس في وزارة الزراعة »كرت السبحة« فتكشفت سلسلة من قضايا الفساد الاداري في المؤسسة التعاونية والسوق المركزي واختلاس بالملايين من شركة نقل, وبالتزامن مع ذلك دخلت هيئة مكافحة الفساد على عطاء الشريك الاستراتيجي في مصفاة البترول وفتحت تحقيقاً للتأكد من مدى سلامة اجراءات طرح العطاء واستقطاب الشركاء.
لا شك ان حكومة الرفاعي استفادت شعبياً من فتح ملفات فساد وان كان من النوع الصغير فقد ساد انطباع بان حديث رئيس الوزراء في دائرة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة لم يكن مجرد اقوال وانما ترجم فوراً الى افعال.
ولاحظ المراقبون ان اجهزة الرقابة المالية والادارية في الدولة تتسابق على اظهار دورها في كشف الفساد وفي مسعى لاقناع رئيس الوزراء الجديد بانها تأخذ تعليماته على محمل الجد.
التطور الايجابي الذي ينبغي الاشارة اليه يتعلق في اسلوب تعامل الجهات المعنية في التحقيق مع الاعلام, فمنذ اللحظة الاولى ابدت دائرة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة والجهات الحكومية المعنية بقضايا الاختلاس مثل وزارة الزراعة وامانة عمان تعاوناً كاملاً مع الصحافة وقدمت للصحافيين كل ما يطلبون من معلومات حول سير التحقيق. لأن غياب المعلومات في قضايا مماثلة كان له نتائج مدمرة على سمعة الحكومات والمؤسسات, ففي اجواء التكتم تنتعش الاشاعات, وتلقى الاتهامات جزافاً ويكون ضحيتها في العادة مسؤولون ابرياء.
نأمل ان يستمر نهج الانفتاح على وسائل الاعلام ولدينا وعود طيبة من كبار المسؤولين في الحكومة بهذا الخصوص.
معظم القضايا المنظورة امام جهات التحقيق هي قضايا فساد اداري ناجمة عن ضعف ادوات الرقابة الداخلية وتهاون المسؤولين في الالتزام بتوصيات وتقارير ديوان المحاسبة ووزارة الزراعة مثال حي على ما نقول.
فقد حذر الديوان منذ سنوات من وجود خلل وضعف في انظمة الرقابة الداخلية للوزارة وارسل بهذا الخصوص عدة تقارير على مدار 6 سنوات غير انها لم تلق اي اهتمام من الوزراء الذين تعاقبوا على حمل حقيبة »الزراعة«. والمؤكد ان وزارات ومؤسسات حكومية كثيرة تعاني من نفس المشكلة ومن كان يطالع تقارير ديوان المحاسبة السنوية يلاحظ ذلك بالدليل الملموس.
ولعل ما وقع من تكشف من قضايا اختلاس مؤخراً يكون مناسبة لاجراء مراجعة شاملة لاساليب الرقابة الداخلية في المؤسسات الحكومية وتطوير ادائها الى جانب تفعيل دور ديوان المحاسبة في الرقابة والزام الدوائر الحكومية بتطبيق توصياته. وهي مناسبة ايضاً لاعادة الاعتبار لموظفي القطاع العام وتحسين احوالهم المعيشية ليتسنى لهم اداء واجباتهم في ظروف ملائمة ومواجهة اعباء الحياة الصعبة فالفساد والرشوة وغيرها من التجاوزات تنتعش عندما تجد بيئة مناسبة.
والاهم ان لا تقف مكافحة الفساد عند حدود السرقة والاختلاس في هذه الوزارة او تلك انما تتعدى ذلك لتطال ملفات اكبر ما زالت حبيسة الادراج لتنهي ظاهرة الزواج غير المقدس بين السلطة والمال التي اجتاحت الادارة الاردنية فاضعفتها وافسدتها.0