لا خير من الديكتاتوريات!

يعجب المشاهد المتابع للنشرات الاخبارية على شاشة التلفزيون، لهذه الاعداد الهائلة من المحتجين في شوارع طهران، ولحجم القمع المسلح للحرس الثوري وبقية المؤسسات الأمنية. فقد استطاع نظام الملالي الايراني وانصاره في المنطقة أن يمرر في عقول الناس طيلة ثلاثين عاما أنه نظام شعبي مطلق. وأن هناك اجماعا على ولاية الفقيه ودوره الحقيقي داخل النظام باعتباره يحكم بسلطة الله، وأن الانتخابات على كافة مستوياتها تصبح نتائجها شرعية بموافقته. فرئيس الجمهورية لا يكون رئيسا، رغم انتخابه، إلا إذا اصدر المرشد قرار توليته مع تقبيل اليد. ومرشح البرلمان يجب اقرار ترشيحه قبل الانتخاب، وبعد اعلان النتائج يكون البرلمان هيئة استشارية.. فقط!!.
.. لقد غطى نظام الملالي نفسه، حتى حين كان يخوض الحروب مع الجيران المسلمين، إنه كان يريد تحرير القدس وأن نظام صدام حسين منعه من الوصول الى اسرائيل، وإن تشجيع الاميركيين على غزو العراق، انما هو عدالة ربانية نزلت بالطاغية. وان تعاون الاحزاب والمنظمات التي تتمتع برعايته التامة مع الاحتلال هو شأن عراقي وأن المقاومة هي القاعدة والسنـة، وأن أي اعتداء اميركي أو اسرائيلي على المعامل النووية الايرانية تعني ضرب الدول العربية على الخليج واغلاق بوابة هرمز. وان احتلال الشاه للجزر الاماراتية العربية الثلاث هي وراثة حلال للجمهورية الاسلامية. وأن لعبة الشيعة والسنـة هي لعبة مسموحة طالما أنها مصلحة من مصالح النظام!!.
لم يقبل الرأي العام في هذه المنطقة تظلمات مجاهدي خلق من قمع النظام. وأن هناك اسماء وعناوين وصور مئة وعشرين ألف ايراني تم اعدامهم لأنهم منافقون من المجاهدين. وأن هناك ملايين الايرانيين الذين غادروا وطنهم هربا بعقيدتهم وحريتهم..
لم تقبل المنطقة أي كلمة تمس نظام الملالي في طهران لأن هناك اعتقادا صارما بأنه نظام شرعي بالمطلق لأن هناك مظاهرات بالملايين في الشوارع، ولأن هناك شعارات كبيرة، وقنابل نووية، وجنودا يمشون مشية الاوزة الهتلرية. وفوجئ الناس وبشكل كبير أن شوارع طهران تنتج أيضا مظاهرات كبرى تندد بالديكتاتور، وأن الحرس الثوري يستطيع قتلهم في الشوارع. وأن محاكم خلخالي التي لم يعد احد يريد تذكرها، تعود لتحاكم رئيس الجمهورية السابق، ورئيس الوزراء الاسبق الذي بقي رئيسا عشر سنوات، ولرئيس البرلمان السابق. ولوزير الخارجية الاسبق.. فهؤلاء منافقون، لأنهم يحتجون داخل النظام.. فلا أحد من هؤلاء جاء من دهاليز السي آي ايه، أو على ظهر دبابة أميركية أو بريطانية. ومع ذلك فاستعدوا للمحاكمات!!.
لقد مررت الاجهزة النازية على شعوب منطقتنا بالذات أن نظام هتلر لم يقمع أحدا، ولم يحتل أحدا، ولم يتسبب في قتل 20 مليون سوفياتي، ولم يفرض على أوروبا إرهاب القوة الغاشمة.. فقط لأننا اقتنعنا بأنه ضد بريطانيا المستعمرة، وضد الصهيونية. ولو أدركنا أن النازية الهتلرية هي التي أعطت الاستعمار الاوروبي قوته في بلادنا وآسيا وافريقيا.. وأنها هي التي سهلت للصهاينة اقامة دولتهم في فلسطين، لو ادركنا ذلك لما تحمسنا لنظام قمعي ارهابي دموي.. لأنه كان يضحك علينا بالكلام!! فلا خير من الديكتاتوريات مهما كانت شعاراتها. ولنعود الى تاريخنا الحديث!!.