استمرارية الحكومات الأردنية

القاعدة المتبعة في الأردن هي استمرارية الحكم فيما يتعلق بالسياسات الأساسية برغم تغير الأشخاص. والحكومة الجديدة برئاسة سمير الرفاعي ليست استثناء ، ولذا فإن المبالغة في انتقاد الحكومة السابقة وامتداح الحكومة الجديدة ، أصبح سلوكا لا يدعو للارتياح ، ولا يحسب في باب الموضوعية والإنصاف.
الاستمرارية يضمنها في الأساس أن كتاب التكليف الذي يرسم سياسة وأهداف حكومة جديدة يأتي من نفس المصدر الذي رسم سياسة وأهداف حكومة سابقة فلا يختلف ، إلا فيما يتعلق بالمستجدات والتفاصيل فالمرجعية واحدة في جميع الحالات.
ويدل على الاستمرارية اقتباس الرئيس الجديد وزراء من حكومة الرئيس المستقيل ليواصلوا عملهم ، ربما بسرعة أكبر ، ولكن في نفس الاتجاه.
ويؤكد هذه الحقيقة أنه في معظم الحالات يتم التغيير الوزاري بعد إقرار الموازنة العامة ، فلا تجد حكومة جديدة مشكلة في تطبيق خطة العمل المالية لعام قادم وضعتها حكومة سابقة ، وما كانت لتختلف كثيرا لو وضعتها الحكومة الجديدة.
يضاف إلى ذلك أن توجهات وسياسات وقرارات الحكومات المتعاقبة تبنى على الواقع الحي الذي يفرض نفسه على جميع الحكومات ، بمعنى أن تغيير الحكومات لا يغير مصالح البلد واتجاهاتها ودورها ، ولذا نجد نفس الشعارات ونفس الأهداف.
مع ذلك يظل تغيير الحكومات واردا ، ليس فقط لتطعيم الحكم بدماء جديدة ، بل أيضا لأن الرئيس الجديد والوزير الجديد يأتيان إلى موقع المسؤولية بعين ناقدة ، وحماس للتغيير والإصلاح والتحسين ، وخاصة خلال المائة يوم الأولى ، الأمر الذي يؤدي إلى تحريك المياه الراكدة ، ذلك أن المسؤول الذي يستقر في موقعه لفترة طويلة يتعود على العيوب والنواقص ، ويتعايش معها باعتبارها واقعا ، ولا يستطيع القيام بمراجعة نقـدية لممارسات وأخطاء الماضي ، لأنها ممارساته وأخطاؤه هو.
المراقب الخارجي الذي يلاحظ سرعة تغيير الحكومات الأردنية ، بحيث لا تدوم أكثر من سنة أو سنتين ، يظن أن الاستقرار مهدد ، مع أنه مضمون بفضل الاستمرارية ، لدرجة القول بأن ما يحدث هو تعديلات وزارية وليس تغييرات وزارية.
يبقى لتغيير الحكومات نتيجة جانبية غير مقصودة ولا يحب أن يذكرها أحد ، وهي أنها تخلق جيشا من المعارضين الأشداء ، فحوالي 400 وزير سابق يشكلون معارضة قوية تحسب لها الحكومات العاملة ألف حساب!.