خطة امريكية ام تكريس للمراوغة والمماطلة

تحولت المنطقة فجأة الى مركز نشاط سياسي على اعلى المستويات. اجتماعات قمة, اردنية مصرية, واردنية سعودية, وسعودية مصرية, ومثلها بين الاطراف جميعا وبين الرئيس الفلسطيني.
وعلى مستوى سياسي اقل, نشط وزيرا خارجية السعودية ومصر في لقاءات جمعت بين الرئيس السوري والامير سعود الفيصل, كما اجتمع الاخير ورئيس حركة حماس خالد مشعل.
تحت مظلة هذه اللقاءات والجولات الدبلوماسية هناك حديث عن بلورة موقف عربي من خطة امريكية, تقوم ادارة أوباما بوضعها حول القضية الفلسطينية, ولا توجد هناك أية معلومات مفصلة عن هذه الخطة سوى تلك التي نشرتها الصحف الاسرائيلية قبل اسبوع. لكن وزير خارجية مصر اوضح امس الاول ان عددا من الوزراء العرب سيتوجهون الى واشنطن لحثها على اخذ المواقف العربية من القضية الفلسطينية بالاعتبار وعلى اساس المبادرة العربية.
غير ان ما تسرب في الصحافة الاسرائيلية يثير الشكوك حول طبيعة الخطة الامريكية, التي يُقال انها تنطلق من قرار نتنياهو بتجميد الاستيطان خلال الشهور العشرة المقبلة. ذلك ان مجرد اطّلاع رئيس وزراء اسرائيل على تفاصيل الخطة, او خطوطها العامة قبل العواصم العربية المعنية مسألة تثير القلق. وهو ما يجعل التحرك العربي المكثف والسريع, وعلى اعلى المستويات محاولة جادة لاستكشاف معالم الخطة الامريكية, والتصدي المبكر لها اذا كانت ستضع »خارطة طريق اخرى« تحمل الملف الفلسطيني من جديد الى ساحات المماطلة والمراوغة الاسرائيلية المقترنة بمزيد من الاستيطان والاعتداء المستمر على الشعب الفلسطيني.
وما هو اكثر خشية من وجود مبادرة امريكية جديدة في الشرق الاوسط, ان تكون لاعتبارات امريكية صرف, او لاعتبارات امريكية - اسرائيلية. وعند التفكير في هذا الامر, قد تكون مثل هذه المبادرة تغطية لتورط اكبر للادارة الامريكية في حرب افغانستان, مع حروب صغيرة اخرى في باكستان واليمن تحت شعار محاربة القاعدة.
ما يثير المخاوف ايضا, ان يستغل انصار اسرائيل في الكونغرس والادارة تصاعد خطر القاعدة من جديد, وفي صورة تهديدات مباشرة للداخل الامريكي, للدفع باتجاه مخططات نتنياهو الخاصة بتوجيه ضربة للمنشآت النووية الايرانية, مستغلين التدهور الداخلي الحاصل في ايران.
لقد تصاعدت نسبة التفاؤل بحل القضية الفلسطينية في بداية عام ,2003 وبعد اطلاق خارطة الطريق, بسبب وعود بوش - بلير. لكن مرّ من الوقت ما يكفي لمعرفة ان الدافع كان التمهيد لاحتلال العراق وإسكات أية معارضة رسمية عربية, فالعراق أُحتل لكن القضية الفلسطينية تدهورت بصورة غير مسبوقة.
نخشى ان نكون امام وضع يكرر نفسه باطلاق مبادرات جديدة لحل القضية الفلسطينية, تُوَظَّف لخدمة اتجاه آخر في السياسة الامريكية, وحتى الاسرائيلية, لكسب مواقف عربية موحدة تساند حربا اخرى على ايران, او تساند استراتيجية اخرى ضد القاعدة, وبما لا يولد ضغطا على اسرائيل, التي ترفض وقف الاستيطان, فكيف ستقبل, حكومتها اليمينية المتطرفة بأكثر مما قبل به باراك او حتى أولمرت وليفني!!.0