نخبنا المصابة بالفصام

تم نشره الخميس 18 أيلول / سبتمبر 2014 02:34 صباحاً
نخبنا المصابة بالفصام
مريم التيجي

وأنا أفتح نقاشا حول المساواة في الإرث، لم تفاجئني ردود الفعل التي أعتبرها طبيعية جدا بحكم أنها تنبع من منظومة تربينا وتعلمنا داخلها، وبحكم أن مناقشة ما كان يعتبر ثابتا لا يحتمل إعمال العقل أمر جديد علينا، بدأ يفرض نفسه بقوة في السنوات الأخيرة مع الثورة الرقمية، لكن مفاجأتي الكبيرة كانت في رسالة بعثها لي رفيق تقدمي من العيار الثقيل على بريدي الخاص، كانت تحمل من العنف ومن التهكم الشيء الكثير، ولو أني لا أعرف صاحبها لاعتبرتها وجهة نظر تستحق أن تحترم.
لكن المفارقة أن هذا الرفيق التقدمي طالما سب النظام واعتبره موغلا في الرجعية، وهو من دعاة الجمهورية، والرافضين لاستغلال النظام المخزني للدين.
إلا أنه على ما يبدو أن التحرر مطلوب بالنسبة له في السياسة، ومرفوض رفضا باتا ما دام سينتهي إلى أن يرث نفس ما سترثه أخته.
ليست هذه هي الصورة الوحيدة التي وقفت عليها في حالات الفصام التي يعيشها المواطن العربي سواء كان من الفئة التي تعتبر نفسها نخبة المجتمع أو من عامة الناس.
كان من المفارقات التي احتلت ذاكرتي لزمن، قريب موقف مناضل حداثي آخر لا يمكن أن يقول جملة دون أن تكون فيها شتيمة للرجعية وللرجعيين ودعاة التخلف، وكان له موقف خاص من الملك بسبب الطقوس المخزنية القديمة، وعندما سمحت لي الظروف بالتعرف على زوجته، اكتشفت أنها تحسد زوجة الملك، وربما زوجات بعض "الرجعيين" الآخرين..
لم تكن تضع خمارا على رأسها، ولكن صاحبنا كان يهمه كثيرا أن يكون مظهرها لائقا ومحتشما، وكان يراقبه باستمرار، كما كان وحده المسموح له باستخدام البطاقة البنكية للحساب المشترك..لحد الآن عندما أصادفه في مكان عام يلقي تعليقاته الحادة أبحث في ملامح وجهه عن معنى آخر للحداثة التي يطالب الجميع بالموت لأجلها..
والمصيبة أن داء الفصام لم يسلم منه لا يمين ولايسار، حتى أن أحد المتمترسين في أقصى اليمين، لم يجد حرجا في أن يركب دراجة نارية (سكوتر) آخر موديل ويسميها "الدابة" اعتقادا منه أن تعديل التسمية يجعله يمشي بآلته في نهج السلف الصالح..
أمام هذا الفصام الذي تعيشه النخبة، لا نستغرب من سهولة الانزلاق في المجتمعات العربية لدى العامة الى العنف، و الفوضى، لأن القيادة والعقول التي يفترض ان تمثلها النخبة ، هي غالبا في حالة تيه، وضياع وتناقض و تغرق في سلسلة لا حصر لها من الامراض النفسية، والانشغال بالقشور والسفاسف التي تذكي مزيدا من الفتة بدل التوجه الى الاشكالات الحقيقية الحارقة، التي يمكنها أن تمهد لحوارات حقيقية تهز عروش الكثير من المسلمات، لكنها قد تكون بداية الطريق الصحيح خارج النفق
الرباط...



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات