التحدي الاقتصادي/ عجز الموازنة

يبـدو أن عجز الموازنة المقدر لسنة 2010 سـوف يرتفع من 685 مليون دينار تعـادل 9ر3% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 845 مليون دينار تعادل 8ر4% من الناتج المحلي الإجمالي ، وذلك بإضافة 160 مليون دينار إلى النفقات العامة. وإذا أخذنا بالاعتبار أن عجز المؤسسـات الحكومية المستقلة يناهز 355 مليون دينار تعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي ، فإن إجمالي عجز القطاع العام يرتفع إلى 2ر1 مليار دينار ، تعادل 8ر6% من الناتج المحلي الإجمـالي ، وهي نسـبة عالية جداً ، وتتجاوز الخطوط الحمراء ومن شأنها رفع المديونية إلى مستويات خطرة.
هذا الأمر الواقع غير صحي، وليس معروفاً لماذا تحمّل الحكومة نفسها أعباء إضافية لتمويلها بالديون ، فتكون النتائج عكسية ، أي تفاقم المشكلة وليس حلها.
نفهـم أن أمام الحكومة متطلبات ومشاريع عديـدة كلها بحاجـة لإنفـاق مبالغ كبيرة من المال. ولو توفر للحكومة إيرادات تبلغ عشـرة مليارات من الدنانير فإنها سـتجد أبواباً لإنفاقهـا ، فالحاجات غير محـدودة ولكن الموارد هي المحدودة.
في هذه الحالة من المفروض أن تعلن الحكومة حالة طوارئ لضبط العجز والمديونية ، وهذا ما قال به الرئيس أكثر من مرة ، ونحن بانتظار ترجمة هذه التعهدات إلى أفعال عن طريق تخفيض النفقات لا زيادتها ، وزيادة الإيرادات وليس الإعلان كل يوم عن إلغاء ضرائب وإعفاءات ذات كلفة عالية ، سواء تلك الواردة في قانون ضريبة الدخل الجديد أو القرارات الإدارية بإلغاء ضرائب ورسوم عديدة كانت موجودة ومستقرة ، وفي الموازنة العامة تقديرات لحصيلتها.
من حـق الحكومة الجديدة أن تعيد النظر في موازنة حكومة سابقة ولكن باتجاه زيـادة الإيرادات وتخفيض النفقـات بقصد تخفيض العجز وتقليل الحاجة للاستدانة ، أما عكس ذلك فليس موقفاً ايجابيا ، ولو اتخذ تحت ضغط الأمر الواقع.
معظم المؤشرات الاقتصادية لسنة 2009 كانت إيجابية ، وفي المقدمة حدوث نمو إيجابي ، انخفاض معدل التضخم ، انخفاض عجز الميزان التجاري ، انخفاض عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، استقرار حصيلة السياحة وحوالات المغتربين ، إلى آخره. وحدها الموازنة وعجزها وتمويلها ظلت نقطة الضعف الرئيسية ، والتحدي الحقيقي الذي يواجه أية حكومة مسؤولة ويقرر مقياس أدائها.