حتى يكون اللقاء مفيداً !!

حتى لو لم تصح تقديرات المتشائمين وإلتقى محمود عباس (أبومازن) «صديقه اللدود» الشيخ المجاهد خالد مشعل خلال زيارته المرتقبة إلى دمشق وبكى كلٌّ منهما على صدر الآخر بحرقة العاشقين فإن كل هذا لن يقدم ولن يؤخر شيئاً مادام أن لـ «فتح» برنامجها تجاه العملية السلمية ولـ «حماس» برنامج آخر معاكس ومادام أن هناك دولة «رافضةٌ» في غزة وأن هناك دولة من نمط آخر في الضفة الغربية .
إن أهمية أن تكون هناك مصالحة فلسطينية فلسطينية في هذا الوقت بالذات هو أن إستحقاقات عملية السلام غدت تطرق الأبواب بقوة وأن المفاوضات المتوقفة قد تـُستأنف في أي لحظة مما يستدعي أن تـُنتزع من يد بنيامين نتنياهو تلك الحجة المـُفتعلة القائلة أن إسرائيل لا تجد الطرف الفلسطيني الذي من الممكن أن تفاوضه وأن (أبومازن) لا يمثل الفلسطينيين كلهم طالما أن هناك دولة في غزة وهناك دولة في الضفة الغربية وطالما أن لكُلٍ من هاتين الدولتين مواقفها المتعارضة مع موقف «شقيقتها» الأخـرى بالنسبة للعملية السلمية .
لن يفيد تبادل تبويس اللحى ولا تبادل العناق ولا حتى توقيع ورقة المصالحة التي أعدتها مصر بعد جهود مضنية وإخْفاقات وصلت إلى فقدان الأمل ما لم تَتبنَّ حــركة «حماس» قبل إستئناف المفاوضات التي قد تستأنف في أي لحظة برنامج منظمة التحرير الذي هو برنامج الحد الأدنى الذي وافقت عليه كل الفصائل الحقيقية والوهمية المنضوية في إطار هذه المنظمة في دورة المجلس الوطني التي إنعقدت في الجزائر وأصدرت بيان «الإستقلال» الشهير في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 1988.
إن المعروف أن «حماس» بقيت ترفض الإلتحاق بمنظمة التحرير مثلها مثل الفصائل الأخرى وإنها لاتزال ترفض الإعتراف بهذه المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وإستطراداً لاتزال ترفض برنامجها السياسي المتعلق بالحلول السلمية وعملية السلام ولهذا فما الفائدة من أن يلتقي (أبومازن) خالد مشعل وأن يبكي كلُّ واحد منهما بكاءً مُرّاً على صدر الآخر إذا بقيت النوايا غير صادقة والظنون غير صافية وإذا بقيت «حماس» في خندقها الحالي ولم تتخل تخلياً بائن بينونة كبرى عن «فسطاط الممانعة» الذي نسيته إيران في حمْأة إنشغالها بأوضاعها الداخلية الملتهبة .
إنه جميل أن تكون هدنة بين الذين من المفترض أنهم أبناء قضية واحدة وإنه جميل أن تتوقف الإتهامات المتبادلة بين فضائية فلسطين وفضائية الأقصى لكن يبقى أن الأهم من كل هذا هو توحيد موقف التنظيمين «فتح» و»حماس» وفقاً لبرنامج منظمة التحرير الذي هو برنامج الحد الأدنى المعترف به وبهذه المنظمة دولياً والذي تؤيده وتسانده كل الدول العربية لأن مبادرة هذه الدول الشهيرة والمعروفة تتطابق معه بصورة كاملة وكلية .
إن هـذه مسألة وهي مسألة في غاية الأهمية بدونها لا أهمية ولا قيمـة لأي لقاء بين (أبومازن) وخالد مشعل اللهم بإستثناء التمهيد للقمة العربية الدورية التي من المفترض أن تنعقد هذه المرة في الجماهيرية الليبية العظمى ثم وهناك مسألة أخرى هي ضرورة أن تجري إنتخابات رئاسية وتشريعية في الحال ووفقاً لقوانين السلطة الوطنية النافذة فالعالم الذي تحول تحولاً جديّاً وحقيقياً تجاه قضية فلسطين ينتظر أن يكون هناك موقف فلسطيني واحد وألاَّ تبقى «حماس» تغرد وحدها خارج منظمة التحرير الفلسطينية وأن ينتهي هذا الإنقسام في أقرب فرصة ممكنة وأن تلتقي دولة غزة وتصبح هي ودولة الضفة الغربية دولة واحدة هي الدولة المستقلة المنشودة .