التسهيلات المصرفية لمن؟

ليس صحيحاً أن البنوك أظهرت خلال السـنة الماضية عـدم رغبة في تقديم التسهيلات والقروض ، فأرقام البنك المركزي تدل على أن إجمالي القروض المصرفية ارتفع خلال الأحد عشـر شهراً الأولى من السنة بمقدار 1016 مليون دينار وبنسبة 9ر5% وهي زيادة كبيرة تزيد عن 92 مليون دينار شهرياً ، مضافاً إليها كل تسديدات القروض والتسهيلات السابقة التي تقدر بمليارين من الدنانير.
صحيح أن تسـهيلات القطاع الخاص المقيم انخفضت بنسبة 1% بسبب الإقبال على التسـديد أكثر من الاقتراض ، فهناك مستثمرون أجلوا البـدء بتنفيذ مشاريعهم ، وشركات خاصة قررت تأجيل عمليات التوسع. وهو أمر طبيعي متوقع في مناخ الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.
ليس هناك نقص في عمليات الإقراض المصرفية. المشكلة تكمن في كيفية توزيع التسـهيلات ، فقد استولى القطاع العام على حصة الأسـد ، وحصل على 1291 مليون دينار ، أي أنه لم يكتفِ بالاستيلاء على كل الزيادة في التسهيلات الممنوحة ، بل زاد عليها 275 مليون دينار عن طريق تخفيض حصة القطاع الخاص من التسهيلات كما كانت قبل 12 شهراً.
لماذا تجهـد اللجان المختلفة نفسها في اقتراح الحلـول على الحكومة ، وتضع الكرة في ملعب البنوك تارة ، وفي ملعـب البنك المركزي تارة أخرى ، مع أن الاقتراض الحكومي هو المشكلة ، ولا يستطيع أحد أن يلوم البنوك إذا أعطت الأولوية في الإقراض للقطاع العام بدلاً من أن تأخـذ على عاتقها مخاطر القطاع الخاص وما يتبع ذلك من أخذ مخصصات للديون المتعثرة.
لا بد من التوقف عن البحث عن حلول مصطنعة تخالف القوانين المرعية ، وتعطل التعليمات والأنظمة ، وتخاطر بالمال العام ، وتضع مالاً تحت تصرف مستثمرين اتخـذوا قرارات خاطئة ، أو مستثمرين مزعومين جاءوا إلى البلد بدون رأسمال ، ويريدون أن تقوم البنوك بتمويل مغامراتهم وطموحاتهم كأي شريك مضارب.
تباطـؤ نمو التسهيلات المصرفية خلال سـنة 2009 لا يعود فقط لتشـدد البنوك في تجنب المخاطر العالية ، بل أيضاً لانخفاض الطلب عليها من جانب القطاع الخاص في ظل الركود الاقتصادي ، وارتفاع الطلب من الخزينة ومؤسسات القطاع العام ، حيث لا خطورة ولا شكوك في القدرة على السداد.