د. عايش يلقي محاضرة بعنوان الملك الحسين قراءة في أخلاقيات الخطاب السياسي في جامعة اربد الأهلية

تم نشره الأحد 23rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 03:24 مساءً
د. عايش يلقي محاضرة بعنوان الملك الحسين قراءة في أخلاقيات الخطاب السياسي في جامعة اربد الأهلية

المدينة نيوز :- رعى الأستاذ الدكتور محمد سعيد الصباريني، رئيس جامعة اربد الأهلية، ندوة فكرية حوارية بمناسبة ذكرى مولد القائد الباني جلالة المغفور له، بإذن الله جَلَّت قدرته، الملك الحسين بن طلال، جاءت تحت عنوان: "الملك الحسين بن طلال: قراءة في أخلاقيات الخطاب السياسي"، والتي ألقاها الدكتور أسامة حسن عايش/ كلية الآداب والفنون- جامعة إربد الأهلية- رئيس قسم متطلبات الجامعة، المؤرخ، والباحث المتخصص في فلسفة التاريخ المعاصر/ التاريخ السياسي– في القاعة الهاشمية.
وعَبَّر المحاضر بداية عن شكره لرئاسة الجامعة، التي منحته شرف الحديث عن مناسبة تاريخية وطنية آثر أن يستذكرها وعياً معرفياً، ويُجسدها كنظرية أخلاقية لفلسفة الخطاب الملكي الأردني، وأوضح قائلاً في كلمته: من الوفاء أن نستذكر المنهج القيمي في النطق السامي لشخصية الملك الحسين بن طلال، وانطلاقا من هذا المحتوى الدلالي للخطاب الملكي، فقد رأيت أن أُمَحْوِر ندوتي حول مفردة رئيسة تمس ماهية اللغة بصفتها نسقا من المنطوقات المدونة، والمقاربة المعرفية ذات الأبعاد الوظيفية للممارسة السياسية الأخلاقية ملكياً. واستنادا إلى هذه المحددات، فقد تأطرت ورقتي الحوارية تأطيراً فلسفيا تاريخياً في ضوء النص المجرد، والسياق الإدراكي. وتمحورت هدفاً حضارياً تهذيبياً لفظياً، حول منهجية تفكيك المفاهيم الخطابية كمأسسة بنائية تأسيسية لبنية الفكر السياسي الأردني هاشمياً. وأَبَنْتُ ابتداء، ضرورة توضيح المصطلحات العلمية الفكرية لعنونة ندوتي الاستذكارية للراحل الباني، والتي اخترت مفرداتها بعمق وأناة. سأبتدئ بمفهوم القراءة التي تعني استخلاص المعنى من المادة المكتوبة نصا، والمدبجة متنا، وتحليل أبعادها الدلالية، وهي من المهارات اللغوية المهمة. هناك جانب إدراكي للقراءة، ولها خاصية التداخل بعقلية المنتج وفكره، وهو ما يمكن الإشارة إليه بثنائية القراءة ونظرية المتلقي، وعلاقة ذلك بإدارك النص ووعيه. ومن الموضوعية العلمية أن أشير بانتفاء وجود نظرية أحادية تعنى بالقراءة كنظرية تحليلية للخطاب السياسي، منهجاً وغايةً ونقداً، بل هناك قراءات متعددة ومختلفة ومتباينة. ولكن، من الأهمية بمكان الاستناد إلى أسس علمية لفعل القراءة، بعيداً عن شخصنة النص، والسياق المؤدلج. لقد ركزت على نوعين من قراءتي للخطاب السياسي للملك الحسين بن طلال، واجتناء القيمة الأخلاقية لماهيته السسيولوجية، وتقدير معنى المُوَاطَنَة الأردنية. القراءة الأولى، قراءة تفكيكية لثنائية اللغة والكلام كمفهوم سياسي اجتماعي، وكنسق من العلاقات الثنائية تتيح سلاسة التواصل الإنساني بين القائد وشعبه، وصدقية الخطاب الحضاري، صراحة ومكاشفة. أما القراءة الثانية، فهي قراءة تأويلية تستند إلى مرحلة الغوص في دلالة المفردات فهما، وتأويلها تفسيراً. القارئ، من وجهة نظر فلسفية، يُنظر إليه كذات واعية تتفاعل مع النص، وتمنحه وعياً ووجوداً. هناك ما يعرف لسانياًٍ بفينومينولوجية القراءة وخاصية الاتصال، والتي تحدث تفاعلا بين الذات والموضوع، أي، الذات المدونة المنتجة للنص خطاباً أخلاقياً، والذات القارئة المتخصصة، بحثاً نصياً، واستنباتاً للمعنى قيمة. وهناك الموضوع بزمنيته الآنية، الذي يُبحث من خلاله عن المعاني الحضارية التي يزخر بها النص والخطاب، وصلة ذلك بالسياق التاريخي والمقصدية السياسية.
أما المفهوم الاصطلاحي للخطاب، النطق تلفظاً، سواء أكان متنا نصياً، أم تدافعاً لغوياً، فهو ممارسة لغوية ذات قواعد دلالية. وبالرغم من وجود مفاهيم عديدة للخطاب علميا، ومحاولة التمييز بينه وبين مفهوم النص، إلا أن أبعاده اللغوية المنظومية يربط بين طرفين، هما: المُخَاطِب، والمُخَاطَب. وتتمثل لبنته الأساسية في المنطوق اللغوي، ويشكل في حقيقته واقعاً وسيطاً بين اللغة، كظاهرة اجتماعية، وبين الكلام، كاستخدام لغوي. وينظر إلى النص، وفق مفهوم الخطاب، كنتاج تاريخي تراكمي لبنيوية فكرية إنسانية وجودية. إن وعي الأبعاد التحليلية القيمية للنص الملكي، كنطق سامي دون تأريخا، هو من المحاور الأساسية لتلمس الأخلاقية المنهجية للخطاب السياسي الأردني، وإدراك معنى تمركز الذات الملكية في الوجدانية الأردنية عبر لغتها، قيماً وأخلاقاً ووطناً. وفي الرؤية الأخرى، من المفضل الإشارة إلى أبعاد الخطاب الملكي، والممارسة الخطابية الملكية، وذلك كمساحة لغوية تحكمها قواعد ارتقائية، وكمجموعة من الإجراءات التي تقيد الكتابة والمحتوى خلقاً، خاصة إذا تلمسنا أبعاد التمثل الدلالي التركيبي لأسلوبية الخطاب الملكي بلغته الفصيحة، والنفاذ إلى الكلمات والمعاني، كمفاهيم أكثر حضورا، ونسقاً قصدياً بدلالة أخلاقية.
ويتحدد مفهوم أخلاقيات الخطاب السياسي الملكي الأردني، انطلاقاً من الأصل اللغوي للخُلق معنى، أي السجية والطبع لنسق الشخصية المؤثرة. والأخلاقيات عبارة عن مبادئ وقواعد منظمة للسلوك الإنساني، بصرف النظر عن خصوصية الموقع الوظيفي للمرء، تراتباً ومكانةً. إلا أنها تُثرى بالقيمة ملكياً، خاصة إذا ما نُظِرَ إليها كمنطوقات وعبارات لغوية، بصفتها أحد أشكال الممارسة السياسية. إن المُعطى المعياري العلمي للمفهوم الأخلاقي فلسفيا تدفع الباحث القارئ إلى إجراء قراءة معمقة لما ورد في الموروث الملكي الوثائقي، والإرث الخطابي اللفظي، وذلك كشكل من أشكال الأرشفة النصية التي تحتاج إلى حفريات معرفية، وذهنية ممنهجة ثقافياً، تؤكد حضارية الخطاب نصاً، والنأي عن السلبية نهجاً.
من الصعوبة الإحاطة بكلية الخطاب السياسي للملك الحسين بن طلال، نظراً لثراء تجربته التاريخية، شموليةً وعمقاً وتأثيراً، مما يستدعي مزيداً من البحوث التخصصية، والدراسات الأكاديمية الرصينة، إلا أنه تم الإشارة إلى نماذج من خطاباته الملكية، يذكر منها الآتي، أمثلة لا حصراً: ففي 14/4/1957، تضمن خطابه مفاهيم "تراث العروبة"، "ومقدسات الإسلام"، وأن "... لهذا البلد الحبيب سياسة قومية". لقد عكست هذه المعاني الحضارية مرتكزات الوجود الأردني، تاريخاً وعقيدةً. وفي 18/7/1958، أشير إلى الشعب الأردني بأدوات ندائية متداخلة بضمير المتكلم، بقوله: "يا أهلي ويا سندي"، مما يؤكد على الوحدة العضوية، بين بنائية الدولة وخصوصية العلاقة المجتمعية، في نسقية الخطاب. وفي 1/11/1960، أشير إلى القضية الفلسطينية" ... التي نعتبرها قضيتنا الأولى وشغلنا الشاغل ... ولن يهدأ لنا بال ولن تقر لنا عين حتى يعود الحق فيها إلى أهله كاملا غير منقوص، هذا عهد قطعناه وهدف نعمل على تحقيقه ... إن نظرتنا إلى قضية فلسطين تنبعث من صميم إيماننا بحق إخواننا وأهلينا في ديارهم ... اقتسمنا مع اللاجئين من أبنائها وغير اللاجئين لقمة العيش وحافظنا على كرامتهم التي هي كرامتنا ... وإننا لعلى يقين من أن أبناء الأردن بضفتيه يشعرون شعوراً لا يتطرق إليه شك أنهم شعب واحد". لقد قَدَّس هذا الخطاب ثرى التوأمة الأردنية الفلسطينية، وجَسَّدَ خصوصية العلاقة الأردنية الفلسطينية، بصفتها علاقة وجودية تمازجية أحادية تكاملية، وليست تجزيئية ثنائية تفاضلية تقابلية. وفيه تأكيد على الوحدة التاريخية للحياض الجغرافي، مستخدما أدوات الأنساق النصية من ضمائر متصلة تعين القارئ المدقق على فهم الدلالة، ووعي قيمة الوجود فلسفة. وفي 19/12/1968، تم التأكيد على أن خدمة المصلحة العامة الأردنية" ... لا تتم إلا بطرح القضايا أمام الجميع، وإتباع نهج الصراحة والمكاشفة الصادقة ... لقد كان دوماً أمام المسؤول العربي – وكل مسؤول في هذا الوجود – طريقان: طريق الحق والنور. وطريق الغموض والإبهام". إن شفافية الذات الملكية فرضت المصداقية كسياسة فضلى في إدارة الدولة، ومحتوى السلطة نفعاً. وفي 28/10/1970، تم توصيف مفهوم الوطنية بقوله: "الوطنية ليست نزوة عاطفية، وإنما هي ممارسة دائمة وهادئة ... وعندما أشير إلى الخلق فأنا أقصد أنبل صور الإيجابية، وأصدق نماذجه الخلاقة". لقد تم الربط بين الوطنية كسلوكية واعية مدركة، وبين الأخلاق الوظيفية كمفاهيم توليدية لنسق الحياة والإنسان المنتمي أنموذجا. وفي 28/1/1982، اُستخدم الخطاب الطوعي الملكي في تقييد السلطة، مبدءاً أخلاقياً، والتزاماً ثابتاً بخدمة الوطن والأمة ، بالقول نصاً: "أسجل على نفسي ... بعقلي ووجداني وبقلمي ولساني ...". وختمت النماذج، والأمثلة التطبيقية في أخلاقيات الخطاب السياسي الملكي الأردني، بنص، فيه الكثير من الشفافية والمصداقية، وتسامي المعاني الوطنية، ولاءً وانتماءً، دون في 9/7/ 1994، متضمنا قوله: "قلتها قبل الآن وأقولها الآن وسأقولها ما حييت، كل إنسان يحاول أن يمس الوحدة الوطنية هو خصمي إلى يوم القيامة ... . لقد تهيكل مفهوم الوطنية ثانية بمحتوى وحدوي رسالي، وليس جغرافي تقسيمي تشتتي، مما ينفي إقليمية الشعور، ويعلي من قداسة القيمة، وجوداً، وفكراً، ووعياً، وممارسةً.
واختتم المحاضر ندوته، مؤكداً على أهمية الابتعاد عن النمطية الرثة في التوظيف السلبي لفلسفة التاريخ السياسي، نصاً ودلالةً وتاريخاً، شخصنةً وأدلجةً ومنفعةً، وإساءة القراءة من نخب، توصف بأنها أكاديمية مثقفة. إن مفهوم إساءة القراءة لأخلاقية القيمة الابستمولوجية خطاباً، أشد وطئاً من غياب القراءة ذاتها، مع أن من عظمة الإعجاز النصي القرآني ابتداء الوحي لفظاً بكلمة " اقرأ ". فهل أمة اقرأ لا تقرأ ؟؟؟.
وحضر الندوة، التي أدارها وقدم المحاضر من خلالها، الأستاذ الدكتور أيمن الأحمد، عميد البحث العلمي والدراسات العليا/ عميد كلية الآداب، والاستاذ الدكتور محمد المحاميد نائب الرئيس، والدكتورة وفاء الاشقر مساعد الرئيس لشؤون التخطيط والتطوير، وعمداء الكليات، وأعضاء الهيئة التدريسية، ونخب طلابية مثقفة، الذين دار بينهم وبين المحاضر حواراً، وأسئلةً، وإيضاحاً.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات