منتدون يدعون الى انسنة الاديان وتعزيز دور العقل العربي في خدمة الانسان

المدينة نيوز - وجد منتدون في ورشة حوارية حملت عنوان "إصلاح الحقل الديني"، منطلقا للحديث عن أهمية بناء دولة مدنية عصرية علمانية، دولة قانون ومؤسسات، والذهاب باتجاه أنسنة الأديان، وتعزيز دور العقل العربي في خدمة الإنسان، وإصلاح الخطاب الديني.
وشارك في الورشة، التي رعاها رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري ونظمها مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية السبت، عدد من علماء الدين الاسلامي ورجال الدين المسيحي ومثقفين وكتاب ونواب واعيان.
وفي بداية الحوار، دعا رئيس المركز العين بسام حدادين إلى إيجاد طاقات في جدار الصمت، والحديث بشفافية حول ما سيطرح خلال الورشة الحوارية التي تحمل في مضمونها عنوانا مهما.
ونوه إلى أن من أهداف الورشة تأهيل الحقل الديني وتجديده تحصينا للأردن من نوازع التطرف والارهاب، وتقوية الاستقرار السياسي والتصدي للإخلال بالطمأنينة والسكينة والتسامح، وتقوية الجبهة الداخلية.
من جهته، قال المصري إن الجدل منذ بدء الخليقة قائم حول مفهوم الخير والشر، الخطأ والصواب، فالخير من وجهة نظر شخص ما يمكن ان يكون شرا من وجهة نظر اخرى.
ودعا إلى "إصلاح الخطاب الديني المتطرف، باعتبار ان الخطاب الديني الاصلي هو خطاب يدعو للتسامح"، موضحاً أن الحاجة لخطاب يقبل الآخر يدعو للمحبة والتكاتف الاجتماعي، ينبذ العنف بجميع أشكاله، بات امر لا بد منه.
وقال المصري إننا نعيش حاليا في ظروف قاسية، ومن أبرز الاسباب التي أدت لذلك هو تعاظم الصراع الطائفي، واحتلال فلسطين الامر الذي عظم المشاعر الدينية، ومعاناة المواطن العربي من انظمة استبداد، واحتلال العراق، والحرب الاهلية في سورية.
ودعا إلى العمل بجهود وطنية دولية لتجفيف منابع تمويل الحركات المتطرفة ومتابعة مصادرها، باعتبار ان هذا العمل لا يمكن له الحدوث الا اذا اتفقت الدول على إنهاء هذه النزاعات المسلحة، وتعزيز دور التربية والمناهج في المدارس والجامعات على نبذ التطرف وتعزيز قيم التسامح الانساني والتشارك الحضاري ورفض افكار الاقصاء والتهميش.
ودعا المصري المثقفين والعلماء والائمة والخطباء والنخب السياسية من احزاب ومؤسسات مجتمع مدني للانخراط بالدعوة الى تبني الخطاب المعتدل، وتجفيف منابع الظلم والاحتلال والاستبداد والدكتاتورية التي تجرد المواطن من حقوقه ومن كرامته.
بدوره، تمنى الممثل المقيم لمؤسسة كونراد اديناور "اوتمار اورينغ" للمشاركين في اعمال الورشة التوفيق وفتح حوار مثمر وبناء حول العناوين التي حملتها الورشة.
ورشة العمل قسمت الى جلستين الجلسة الاولى ادارها النائب محمد الحاج وشارك فيها أستاذ أصول الدين في جامعة آل البيت عامر الحافي، وأستاذ الفلسفة في الجامعة الاردنية جورج الفار.
الحاج اعتبر أن المجتمع بحاجة لخطاب ديني إنساني، لصدمات كهربائية عالية في العقل العربي والاسلامي لإعادة الشعور بالحياة.
ولفت إلى ان الفرصة مواتية للوصول لإصلاح ديني مطلوب،، لكنه نوه في الوقت عينه إلى أن المثقف المسلم عندما يتحدث عن اصلاح الحقل الديني كأنه يسير في حقل من الالغام.
وفيما دعا لاحترام التاريخ والعقل الانساني، واحترام التعبير والحق في التعبير، أشار إلى أن العقل العربي "لا يمكن ان يتطور الا اذا حصل تطور في النص الديني لإنفاذ عوامل النهضة".
وتساءل الحافي "كيف يمكن التطور وما يترجم الى اللغة الاسبانية في سنة واحدة يعادل ما ترجم الى العربية منذ عهد المأمون حتى اليوم".
بدوره، قال الدكتور جورج الفار انه كلما كان العقل بشكل عام معاصرا وشاملا ومدركا لروح النص استطاع ادراك النص او الخطاب بطريقة واسعة وشاملة، وكلما ضاق العقل او ضعف ظهرت شوائبه.
وأشار إلى أنه قد يكون من الصعب ان يتم اضافة سطر او كلمة او نقطة لأي نص ديني مقدس، ولكننا نستطيع ان نطور العقول المتعلقة بالنص، وان يجري التعامل مع النص بمفهوم اصلاحي ويحول اي نص لاإنساني.
وقال اذا اردنا الاصلاح الديني، وهو امر ضروري ويتوجب الذهاب اليه والقيام به، فإن ذلك يتطلب في المقام الاول "انسنة الدين، وبالتالي فان المطلوب بشكل عام القيام بإصلاح عميق للحقل الديني".
الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور اسامة تليلان شارك فيها نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين شرف القضاة ورفعت بدر والكاتب ابراهيم الغرايبة.
وقال القضاة ان كل أمر في العالم بحاجة لإصلاح بما في ذلك الحقل الديني، ولكنه استدرك بالقول ان ذلك يعني اصلاح وليس تحريف، وان الاصلاح في هذا الجانب واجب"، مشيرا في الوقت عينه إلى أن أي نص ثابت انه من الله لا يحتاج لإصلاح لأنه من الله، "اما الذي يحتاج لإصلاح فهو الذي جاء به البشر".
وقال بدر ان الدين لا يباع ولا يشترى، ولكنه في الوقت عينه "قابل للإصلاح، وهذا الاصلاح من شأنه المساهمة في وقف العنف المتطور والمتصاعد حاليا".
ودعا الى الاستفادة ايجابا مما حصل في الغرب، وخاصة موضوع محاكم التفتيش، لافتا إلى ان هناك تناقضا في الصورة التي نحاول تصديرها للخارج عن التعايش الديني، وما يحصل في حقيقة الامر في الداخل.
بدوره قال الغرايبة انه لا يمكن ان يكون التدين خالصا لله الا من خلال الذهاب باتجاه العلمانية، وان اي مفهوم آخر سيجعل التدين اما تزلفا لهذه السلطة او تلك او لهذا الحزب او ذاك.
ونوه إلى ان السلطة عندما تكون محايدة تجاه الدين يصبح الايمان خالص للرب دون خوف من سلطة او تنظيم، معتبرا "ان العلمانية هي التي تساعد في الاقتراب لفهم الدين".
ودار نقاش موسع، حيث قدم الحضور مداخلات مؤيدة حينا ورافضة حينا لما جاء به المحاضرون.