منع الأجانب من الأستثمار في البتراء

تم نشره الأحد 27 آذار / مارس 2016 12:22 صباحاً
منع الأجانب من الأستثمار في البتراء
د. فطين البداد

لما كانت الأرقام مملة ، فإنني سأحاول الإيضاح بدون أرقام معقدة ، دون أن يؤثرذلك على متن هذه المقالة التي لن أستخدم فيها المصطلحات الإقتصادية لتكون أقرب إلى فهم المواطن العادي .

فلدى الإطلاع على نشرة البنك المركزي الأخيرة يتبين بأن الفاتورة النفطية انخفضت بنسبة عالية وبقيمة تصل إلى حوالي مليار ونصف المليار دينار بسبب انخفاض أسعار النفط ولأسباب أخرى .

وفي المقابل ، كشفت أن تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج طرأ عليها انخفاض ملموس ، وتجلى ذلك في شهر كانون الثاني من هذا العام 2016 مقارنة بالشهر نفسه من العام المنصرم ،وبقيمة تصل إلى 200 مليون دولار .

وغني عن القول أن أغلب تحويلات الأردنيين تنفق على الإستهلاك .

وكشفت كذلك انخفاضا في قيمة المستوردات من السلع " غير النفطية بأكثر من 11 % ووصلت إلى 14 مليار دينار تقريبا .

ماذا يعني هذا ؟ ..

يعني أن الأردني في الداخل ، والأردني في الخارج يعانيان ، وهذا واضح ، الأول لظروفه الموضوعية ، والآخر لظروف البلد الذي يعمل فيه أو لأسباب أخرى .

أما عن انخفاض أسعار النفط وأين يذهب الفرق فقد سبق لرئيس الحكومة أن رد على منتقديه مؤكدا بأن ما توفر يتم استثماره في قطاعات مختلفة في الداخل ( لم يتوقف مسلسل ارتفاع الأسعار بالمطلق ولم تنعكس أية مشاريع ترصدت تكاليفها من توفير النفط على حياة المواطنين ) .

أما إذا نظرنا إلى انخفاض تحويلات الأردنيين ، فإن الصورة تتضح أكثر ، وإذا أخذناها ببساطة ، نقول : لما كان هناك انخفاض في التحويل الخارجي ،فإنه يتحقق تلقائيا انخفاض في الإستهلاك الداخلي وهذا طبيعي لكون أغلب التحويلات الخارجية تنفق على الإستهلاك كما قلنا .

ووفقا لذلك فنحن أمام معادلة حتمية تقول :

تحويلات أقل تعني استهلاكا أقل ، وهذا يساوي ركودا أعلى ، وهذا الأخير ، يفسر سبب انخفاض الإستيراد .

ولكن يا ترى : هل ظروف المنطقة والإقليم فقط هي المسؤولة عن هذا الواقع ؟..

للإجابة عن مثل هذا السؤال نقول : لا ، بل إن سياساتنا الإقتصادية في الداخل تتحمل جزءا كبيرا من وزر هذا التدهور ، ونضرب " السياحة " مثالا على ذلك من باب التقريب وعليها قس بقية القطاعات .

فقد كشفت مصادر سياحية رسمية أن الأردن شهد خلال الشهرين الأولين من عام 2016 تراجعا بأعداد السياح بنسبة 9 % قياسا بنفس الفترة من العام الفائت .

وإذا أخذنا زوار البتراء مثالا ، فإن هيئة تنشيط السياحة كشفت بأن عدد السياح إلى البتراء تراجع خلال الشهرين المذكورين عن العام الفائت بنسبة 20 % .

لماذا ؟ .

قبل أيام شاهدت من على موقع المدينة نيوز فيديو لجلسة نيابية كانت تناقش قانونا عن إقليم البتراء ، فماذا كانت نتيجة نقاشات النواب في الجلسة التي عقدت الأسبوع الماضي وإلى ماذا انتهى هذا النقاش ؟ .

لقد تحولت الجلسة من جلسة نقاشية إلى مزاودات بين البعض ضد البعض الآخر ، وشاهدنا صراخا ونقرا على المقاعد وخلافه ، وكل ذلك لأن البعض طرح قضية مهمة ، وهي الخشية من أن يتسلل إسرائيليون إلى البتراء بلباس المستثمرين ويسيطروا على المدينة .

هذا موضوع مهم وخطير ، وأشكر النواب الذين طرحوه بقوة ، ولكن إلى ماذا انتهى النقاش ؟ .

لقد انتهى إلى أن يتضمن مشروع القانون نصا صريحا يحظر تأجير أراض وبيعها لحاملي الجنسية الإسرائيلية في الإقليم ، وهذا أيضا إنجاز مهم وضروري وبورك من اقترحه ،ولكن أن ينص القانون على منع غير الأردنيين من الإستثمار في المناطق الأثرية ، فإن هذا خطأ فادح .

هل نقول للأمريكي الذي يريد الأستثمار : إن عليك أن لا تقترب من البتراء لأنها حكر على الأردنيين ، وأمامك الصحراء اذهب واستثمر فيها ؟؟ .

من الذي سيطور البتراء ، إن منعنا حملة الجنسيات الأجنبية ( من غير الإسرائيليين طبعا ) من الإستثمار فيها ؟؟ .

إن الذي يريد تنشيط الإستثمار في الأردن ، وفي نفس الوقت يحظر على الأجانب الإستثمار في البتراء شخص لا يعرف معنى الأستثمار ، ولا يدرك مصاعب الإقصاد ، ويعيش في قمقم فرضته ثقافة الخوف من الآخر ، فكيف تمنع المدينة الوردية ، من المستثمرين بدعوى الخوف من الإسرائيلي ، ألسنا أكفاء لصياغة قانون يمنع الصهاينة من التملك في البتراء وغيرها ، وفي نفس الوقت نجلب مستثمرين لإحدى عجائب الدنيا السبع ؟ .

المفارقة ، أن الذي لا يريد استثمارا أجنبيا في الأردن هو نفسه الذي يقول للدولة الأردنية نهاية كل شهر : أريد راتبي .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات