جدل الأردنيين حول التعديلات الدستورية والملك

تم نشره الأحد 24 نيسان / أبريل 2016 12:12 صباحاً
جدل الأردنيين حول التعديلات الدستورية والملك
د. فطين البداد إلى اليمين.. وفي الصورة غلاف الدستور الأردني

الجميل في الأردن ، أنك تقرأ عن تعديلات دستورية تخص الملك بكل أريحية ، وتحت سمع وبصر وسائل الإعلام ، فالأردن ، كان ، ولا يزال ، نقطة مضيئة في شبه محيط مظلم ، إلا من رحم ربي .

معارضو التعديلات يقولون : إنهم لا يرغبون في أن يكون الملك طرفا في أي تعيين " مباشر " لكي لا يقع الأشخاص في المحظور ، والمقصود هنا ، أي اختلالات سلوكية أو شبهات فساد وبعضهم ضرب مثلا على ذلك بأشخاص يعرفهم الأردنيون ويقبعون في السجون .

كما وأنهم يدفعون في أن مثل هذا التعيين المباشر من قبل القصر يتعارض مع الدستور ، ومع الموروث الدستوري الأردني الذي يقول : إن الملك يملك ولا يحكم إلامن خلال وزرائه ، انطلاقا من أن الإرادات الملكية لا تعفي الوزراء والحكومات من مسؤولياتهم المباشرة عن قراراتهم .

وأيضا ، يذهبون إلى أن المراكز الحساسة في الدولة الأردنية ، لا تعين أصلا إلا بإرادة ملكية ، ومن أجل ذلك ، فإنه لا ضرورة إلى أن ينص على ذلك في الدستور ، طالما أن الملك - دستوريا - هو صاحب القرار الأول والأخير في مثل هذه القرارات وأنه ومنذ دستور العام 1952 يجري الأمر على هذا النسق وبنص الدستور ، وبتوقيع حكومي على الإرادة السامية .

غير أن الطرف الآخر ، والذي يدفع في اتجاه إقرار هذه التعديلات ، فإنه يرى أنها تحمي أصحاب هذه المراكز ، من قادة الأجهزة الأمنية والجيش ورئاسة المحكمة الدستورية وغيرها من تغول الحكومات ، بحيث لا يكون لأي حكومة أي تدخل في شأن هذه المواقع ، وبالتالي في بقائها أو إقالتها ، والمحكمة الدستورية مثال على ذلك ، فالحكومة هي التي تحول إلى المحكمة طلبات التفسير ، وليس مجلس الأمة ، فكيف نضمن أن تتخذ المحكمة قراراتها التفسيرية بعيدا عن التغول الحكومي ، وقس على ذلك تعيين أعضاء مجلس الأعيان ، الذين يعينون بتوقيع الحكومة على الإرادة الملكية ، فبغض النظر ، أكان التعيين مباشرا من الحكومة أم لا ، إلا أن لها شأنها فيه ، من خلال توقيعها ، وربما اختيار وتزكية أغلب أسمائها ، فكيف سيكون مجلس الأعيان رقيبا على حكومة لها ضلع في اختيار أو تعيين أعضائه ، ومن أجل ذلك يقولون : إن هذه التعديلات تعزز الفصل بين السلطات وفق زعمهم .

أما ما يدفعه البعض من مخاوف حول احتمال أن يرتكب بعض الذين يعينهم الملك مباشرة شبهات فساد أو غيرها ، وكل بني آدم خطاء ، وأنهم يريدون أن لا يكون للملك أي علاقة مباشرة في تعيينهم من أجل هذا ، فإن هذه قضية تطرح سؤالا هاما وهو أن تعيين هؤلاء في الأساس كان بإرادة ملكية ، ولما كان الدستور يحمي الملك من أي مسؤولية أو تبعية لأي خطأ يرتكبه المسؤول ، وفق نص الدستور ، فإن اللوم يقع تلقائيا على هؤلاء مباشرة ، فكل فاسد يتحمل مسؤولية فساده ، وكذلك فإن الحكومات تتحمل بدورها ، مسؤولية اختيارها ( هكذا يفترض ) ، وهنا يثير البعض هذا السؤال : هل تم معاقبة أو محاسبة الحكومات التي عينت بعض من تورطوا في الفساد ؟ طبعا لا ، ومن هنا ، يتضح أن الذي يدفعونه في رغبتهم أن يبتعد اسم الملك عن التعيين المباشر ليس سوى ذريعة ، لكون الحكومات لم تسأل في الأصل عن شبهات فساد وقع بها من وقعت الحكومات على الإرادات الملكية التي عينتهم .

أما ما يقوله البعض أن التعديلات فيها تناقض مع مواد في الدستور ، فقد رفض نائب رئيس الوزراء محمد الذنيبات هذا الأمر مؤكدا بأن لدى الحكومة مستشارين وقانونيين وأنهم لم يتقدموا بهذه التعديلات عبثا وبدون دراسة .

ويقول طرف ثالث : إذا كنا مقبلين على حكومات برلمانية ، فإنه يخشى أن يفوز حزب ما ، فيشكل حكومة ، وبالتالي يصبح متحكما بمركز القرار وبتعيينات أو إقالات المراكز الحساسة ،مع أن فوزه لا يعني أن يستأثر في الحكم ويقلب الطاولة ، ومن هنا جاءت التعديلات لكي يظل الملك هو صمام الأمان لهذا البلد ويمنع تغول أي حزب أو فئة على أخرى ، كما يقول هؤلاء .

ويظل جميع أصحاب وجهات النظر محقين في تعليلاتهم ومخاوفهم ، فالرافضون يدفعهم لهذا الرفض حب الأردن وجلالة الملك ، واستقرار النظام السياسي ، والموافقون على التعديلات يدفعهم في موقفهم حبهم وولاؤهم وانتماؤهم للأردن وكما قلت في استهلال هذه المقالة : يظل الأردن نقطة ضوء في شبه محيط مظلم .

حمى الله الأردن وشعبه وقائده وأبقى هذا البلد مضرب مثل في الديمقراطية والولاء والإنتماء .. آمين .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات