«تحرير الرقة».. لعبة أمم أم خلط للأوراق ؟

تم نشره الإثنين 30 أيّار / مايو 2016 02:24 صباحاً
«تحرير الرقة».. لعبة أمم أم خلط للأوراق ؟
محمد خروب

مهّد الأميركيون الذين يبسطون رعايتهم بالتدريب والتسليح والتخطيط والإمداد والترويج لبطولات وانضباط «قوات سوريا الديمقراطية» التي تهيمن عليها قوات حماية الشعب الكردية «YPG» بزعامة صالح مسلم رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي السوري «PYD»، والتي استطاعت ان تبرز وبخاصة بعد تحرير مدينة عين العرب «كوباني» من ايدي داعش وتواصل تمددها شرقا وشمالا، على نحو سمح لها بالإعلان عن قيام فيدرالية «روج آفا وشمال سوريا» والتعاطي الدولي معها بجدية بإعتبارها مؤهلة لمحاربة داعش وقادرة على هزيمتها والرهان عليها (خصوصا أميركياً) للوقوف في وجه النظام وفرض الأجندة السياسية عليه لاحقا بعد التلويح بورقة « ضم « محافظة الرقة الى الفيدرالية.

نقول: مهّد الأميركيون لحملة تحرير مدينة الرقة بما هي المركز الرئيسي لداعش وخزانه البشري واللوجستي للمناورة بين عاصمة دولة الخلافة (الموصل) والرقة التي بدأ نفوذه الفعلي منها، بحملة إعلامية مركزة, ليس فقط في الترويج لزحف قوات سوريا الديمقراطية الذي سيُتوج بتحريرها، بل وأيضا في الحديث عن أن إدارة اوباما المنتهية ولايتها قريبا، في حاجة الى انجاز سياسي يُضاف الى إرث أوباما الذي إتكأ, ضمن أمور أخرى, على جملة من الخطوات والإجراءات الرمزية التي لم تكن لتُغضب واضعي السياسات الأميركية والمولجون ضبط أي خروج على «السيستم» الأميركي, وخصوصا الإستراتيجيات بعيدة المدى التي لا يختلف عليها في النهاية اي ساكن للبيت الأبيض, سواء كان ديمقراطيا أم جمهوريا...

لهذا أيضا بدأ الحديث عن عملية مدروسة بعمق ومتدحرجة تبدأ بقضم المزيد من الأراضي في ريف الرقة الشمالي ثم ُيصار الى تطويق المدينة مترافقا ذلك كله مع ضربات جوية مكثفة ومتواصلة من قبل طيران التحالف الدولي لشل مراكز القيادة والسيطرة لداعش وقطع خطوط امداده وتشتيت قواه، متزامنا ذلك كله مع الحملة التي بدأت في العراق ضد داعش لتحرير مدينة الفلوجة التي دار هي الأخرى – وما يزال – لغط وسجالات حولها, تماما كما حدث ويحدث للرقة الآن، بعد ان «فترت» حماسة الأطراف لحديث «التحرير»...

وراح الحديث يتداخل على نحو مقصود بين الإنخراط الأميركي المباشر في قيادة عملية تحرير الرقة وارتداء عناصر القوات الأميركية (الخاصة) الموجودة في منطقة مطار رميلان بريف الحسكة، شارات خاصة بالمقاتلين الأكراد، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا، الى حد إطلاق مولود أوغلو وزير الخارجية التركي تصريحات تتهم الأميركيين بالنفاق والكيل بمكيالين ناصحا إياهم (في سخرية بالطبع): بوضع اشارات داعش والنصرة والقاعدة, عندما يتوجهون الى المناطق الأخرى في سوريا, وشعارات بوكو حرام عندما يذهبون الى افريقيا.

ليس هذا فحسب بل أن «الكرد « أنفسهم بدأوا بالتقليل من آثار وأبعاد خطواتهم في إتجاه الرقة, عندما قالوا: أنهم غير جاهزين (...) لتحرير المدينة وأنهم سيكتفون «الآن» بتحرير ريف الرقة وقد أحرزوا فيه انتصارات.

داعش الذي أحس بأن إحتمالات « فقدانه « الرقة باتت ماثلة (في ضوء التضخيم الأميركي لعملية تحرير الرقة واستئصال داعش منها)، لم ينتظر طويلا وبادر الى عملية مضادة ولكن في مناطق حساسة وخطيرة أخرى وخصوصا في ريف حلب الشمالي فقام بمطاردة ودحر فصائل المعارضة الموصوفة مُعتدلة والمتحالفة مع النصرة في ريف حلب الشمالي, على نحو انتزع فيها «مارع» ويستعد لمحاصرة اعزاز التي هي كما يعرف الجميع مثابة خط أحمر عند أردوغان, ولكن في وجه قوات سوريا الديمقراطية, ولا نعرف ما اذا كانت ما تزال خطاً احمر في وجه داعش, الذي اذا ما «فَقَدَ» الرقة, فإنه سيقوم بـ «إحتلال» أعزاز, وربما المقايضة عليها مع انقرة, كي تكون «منطقة آمنة» كما يحلم اردوغان.

يُحاصَر داعش في الرقة فيقوم ليُحاصِر أعزاز ويجتاح مارع في ريف حلب الشمالي, فيما تتكفل جبهة النصرة بإطاحة الهدنة في حلب, مع مواصلة أنقرة «التغذية الدائمة بالأسلحة وإرسال التعزيزات, ما يسمح للإرهابيين في جبهة النصرة ومن يحالفها كأحرار الشام وجند الأقصى بمواصلة عمليات القصف الإستفزازية وشن الهجمات على القوات الحكومية السورية».

تحرير الرقة مُؤجَّل، ربما الى وقت اطول، وداعش يتمدد في ريف حلب الشمالي موشِكاً إخضاع أعزاز، فيما تتراجع واشنطن أمام أنقرة وتقول: أنها تُقدِّم المساعدة والمشورة لمقاتلين يواجهون داعش ولا تتواجد في الخطوط الأمامية, رافضة في الوقت ذاته «عرض» موسكو القيام بضربات مشتركة ضد داعش في عملية تحرير الرقة.

هل ما يجري مجرد صدفة؟ أم هي لعبة أمم, أميركية المنشأ والتخطيط والأهداف ؟

الأيام ستقول.

(الرأي 2016-05-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات