معركة الرقة ومشروع التقسيم

تم نشره الإثنين 30 أيّار / مايو 2016 02:25 صباحاً
معركة الرقة ومشروع التقسيم
محمد كعوش

عندما دعت انقرة الى اقامة منطقة عازلة ، أو منطقة آمنة ، أو فرض حظر جوي فوق المنطقة الشمالية في سوريا ، لم تكن تعلم ان الاجندة التركية ستصطدم مع المشروع الأميركي ، او ستتعارض مع المصالح الروسية في سوريا.

ولكن التطورات الاخيرة في الشمال السوري ، وفي مقدمتها معركة الرقة وريفها ، فتحت ملف الخلافات بين الاطراف المعنية ، أو بين اللاعبين داخل الساحة السورية ، وكشفت عن بعض التفاصيل والنوايا. الرئيس اردوغان الذي يريد تعديل الدستور واقامة نظام رئاسي في تركيا يسعى الى انهاء دولة اتاتورك العلمانية قبل بلوغها المئوية الاولى ، واعلان قيام دولة أردوغان ( تركيا الإسلامية ) وهو يخشى من انتفاضة علمانية تعيق تحقيق مشروعه السلطاني وتمنح الاكراد فرصة تاريخية للمطالبة بالانفصال او الحكم الذاتي ، وبالتالي تساهم في تفكيك الدولة.

لذلك قام اردوغان وحكومته بدعم التنظيمات المسلحة المشتبكة مع الوحدات الكردية في المنطقة الحدودية مع سوريا ، وأمر بشن حرب مفتوحة ضد حزب العمال الكردستاني ، وتشمل « وحدات حماية الشعب الكردي في الشمال السوري ، وهو التنظيم المسلح الذي تدعمه واشنطن ، ويقاتل تحت اشراف خبراء من الجيش الاميركي ، وهو الامر الذي عمق الخلافات بين انقرة وواشنطن.

الثابت أن الهدنة التي تمت بتوافق اميركي–روسي في منطقة حلب ، كانت فرصة ذهبية للتنظيمات المسلحة لالتقاط انفاسها ، واعادة ترتيب اوضاعها وتعزيز قواتها بالسلاح والرجال والعتاد ، والتحول من حالة الدفاع الى حالة الهجوم في اكثر من منطقة ، خصوصا بعد توقف غارات الطائرات الروسية. ومن التنظيمات التي استفادت من الهدنة « وحدات حماية الشعب الكردي التي عززت قواتها بوصول خبراء من الجيش الاميركي ، وحققت نجاحات ميدانية غيرت الواقع على الارض ، واعلنت الزحف باتجاه الرقة ، معلنة نواياها بضم الرقة الى الاقليم الفديرالي ، وهو بداية مشروع التقسيم في سوريا.

وفي الوقت الذي نشرت فيه صورا اظهرت الجنود الاميركيين وهم يقاتلون الى جانب المسلحين الاكراد في شمال سوريا ، اعلن الناطق باسم الخارجية الاميركية عن استمرار دعم الاكراد ، تحت عنوان قتال «داعش»، ولكن الهدف الحقيقي هو الوصول الى حدود ثابتة آمنة لاقامة اقليم الفديرالية ، أو حدود الحكم الذاتي في ما سيسمى « اقليم كردستان » في شمال سوريا ، على غرار اقليم كردستان في شمال العراق ، تمهيدا لتقسيم سوريا ارضا وشعبا على قاعدة عرقية وطائفية ، ولكن هذا المشروع اصطدم برفض العشائر العربية في الشمال السوري ، كما ترفضه الدولة والمعارضة ايضا.

ولكن ما نخشاه اليوم هو ان تكون القوات الاميركية المحدودة العدد التي ظهرت في شمال سوريا ، هي مجرد طلائع لقوات اخرى هدفها التدخل العسكري الجوي والبري ، وجر قوات حلف الناتو للمشاركة في الحرب بسوريا ، تحت شعار قتال داعش والقضاء على الارهاب ، خصوصا أن امين عام حلف الناتو تطرق مؤخرا استعداد قواته للتدخل العسكري من اجل نشر الاستقرار في الدول المجاورة لدول الحلف ، رغم ان الحكومة التركية تحذر من استمرار دعم المسلحين الاكراد الذين يهددون مشروع اردوغان.

لذلك يعتقد المراقبون ان معركة الرقة معركة مفصلية لها علاقة بصياغة مستقبل سوريا الدولة ، بعد تقاطع المصالح الدولية ، أو تشابكها حول المسالة السورية. وفي خضم هذه التطورات هناك من يسال عن الموقف الروسي ، ودور موسكو في مواجهة هذه المستجدات العسكرية والسياسية ، التي تلقي بظلالها على الجهود الدبلوماسية الساعية الى استئناف المفاوضات السياسية في جنيف.

ولكن ، رغم كثرة الحديث عن تثبيت الهدنة في ظل التوافق الاميركي الروسي التي انهارت ، صدرت تصريحات عن مصادر روسية مهمة تلوّح باقتراب عودة تحليق الطائرات الروسية في الاجواء السورية ، وهي خطوة مهمة قد تحدث تغييرات ميدانية تساعد على تغيير المعادلة من جديد بشكل يساعد على العودة الى حل سياسي أو حسم عسكري ، وهذا هو الحل.

(الرأي 2016-05-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات