بالمناسبة.. أين «ثوّار الائتلاف»؟

تم نشره الإثنين 24 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:14 صباحاً
بالمناسبة.. أين «ثوّار الائتلاف»؟
محمد خروب

أسقط إرهابيو شرق حلب، الهدنة الانسانية التي كانت أُعلنت من طرف واحد ولثلاثة أيام, كي يتم إخراج جرحى الاحياء الشرقية من المدينة التي باتت عنوان الصراع العالمي ومركز اهتمام العواصم (الأسباب مختلفة بالطبع) والسماح للمدنيين الذين يتخذهم الارهابيون دروعاً بشرية, بالخروج من تلك الاحياء المحكومة بالسقوط «المُؤكَّد» اذا ما واصل الارهابيون المكابرة ورفضهم الخروج (حتى بأسلحتهم) ناهيك عن انهم يتسترون خلف جبهة النصرة (فتح الشام حاليا), كي يتجنّبوا رفع راية الاستسلام, الذي بات اليوم اقرب من اي وقت مضى، رغم كل محاولاتهم تأجيل الهزيمة, او انتظار مُخلّص»اميركي أوعربي»بعد أن ابتعد «التركي» كي يأتي لفك الحصار من حولهم او منحهم المزيد من الوقت لإطالة «صلاحيتهم» التي انتهت لدى مُشغّليهم ورُعاتهم ومُموليهم, الذين يجأرون بالشكوى الان, بعد ان فقدوا كل اوراقهم او كادوا, ولم تعد المسالة ما اذا كان سيهُزَم هؤلاء؟ بل متى سيصلون الى قناعة نهائية بأن مرحلة ما بعد انتهاء الهدنة الأخيرة,التي أهدروها, ليست ما قبلها, وخصوصاً ان ابواب «التسوية» قد أُغلِقت بقرار أميركي وتواطؤ عربي لم يَخْفَ على أحد.

ما علينا..

في غمرة الاحداث المُتلاحقة التي تشي بان المنطقة وبخاصة الساحتين السورية والعراقية، مقبلة على تطورات دراماتيكية قد تسهم في اشعال حرب اقليمية واسعة ربما تتطور الى حرب عالمية محدودة او شاملة، يبدو غياب ثوار او فرسان المعارضة السورية او ما يسمى بـ»الإئتلاف» ، صارخا ولافتا في دلالاته وتداعياته، حيث لم يعد احد يسمع او يشاهد صوت أوصورة رياض حجاب ولا الجنرال اسعد الزعبي، ولا الناطق باسمه سالم المسلط، ولا حتى صاحب المصطلحات والعبارات الرنّانة فارغة المضمون، رياض نعسان آغا، (دع عنك الثنائي اليساري التائب.. جورج صبرا وميشيل كيلو) وكل اولئك الذين جيء بهم تحضيراً لمرحلة ما «بعد الاسد» كي يقودوا سوريا الجديدة الى فضاء ديمقراطي تعددي, فاذا بهم يفشلون في كل «الاختبارات» بعد ان اكتشفهم الرعاة والممولون ووقفوا على حجم وعمق خوائهم وفسادهم ولصوصيتهم, على نحو لم يعد بمقدورهم إعادة «تدويرهم», ولهذا لم تتم دعوتهم الى حضور اي من المؤتمرات التي عقدها «اصدقاء سوريا» في مطارح عديدة كان آخرها في لندن، مربط خيل المتآمرين ومرجعية احفاد المُستعمِرين القدامى، الذين يغمرهم الحنين الى ايام اجدادهم «البهيجة».. لكن هيهات.

يغيب أو يُغيَّب ثوار الائتلاف, بعد ان لم يعد باستطاعتهم توفير «البضاعة» لمن راهنوا عليهم طويلا وكثيرا، وهنا يكمن مأزق الذين وضعوا كل «بيضهم» في سلة «المعارضات» السورية، ذات المنشأ المشكوك فيه والمرجعيات المشبوهة التي استودلتهم او أعادت انتاجهم, من بقايا جماعات الاخوان المسلمين وبعض تشكيلات الإسلام السياسي التي برعت في تبرير القتل والسحل والتكفير واستباحة الحرمات, وخصوصا من بقايا المجموعات اليسارية والقومية التي سارعت الى خلع ثوب «التقدمية» الذي كانت تتدثر به رياءً ونفاقاً, بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وارتمت في حضن السيد «الاميركي», مُعتذِرة عن ماضيها ومبدية الاستعداد للتكفير عن خطايا, وراحت تُروِّج للعصر الاميركي الجديد وتسبح بحمد الامبريالية»المتنورة», التي انقذت العراق الذي كان «تحت درجة الصفر» فأخذت بيده الى ما فوق هذه الدرجة، وهذا يكفي في نظرهم بل..يزيد, وها هي اميركا وغيرها من الدول الذين تعيش بلادهم «ارقى» حالات الديمقراطية والتعددية وتسود مجتمعاتهم قيم التسامح والحرية والكفاية والعدالة، تقود الحملة الاكثر انسانية لتحرير سوريا من النظام الفاسد وتستعد لاقتلاع الديكتاتور وإلحاق سوريا بركب الديمقراطية والمجتمعات الحُرّة التي تسود المنطقة العربية, منذ ما بعد الحادي عشر من ايلول 2001، وكانت حملة نشر «الديمقراطية والحرية» الاميركية البريطانية على العراق في العام 2003 ذروتها وبداية مرحلتها التأسيسية.

ليس ثمّة ما هو أسوأ من كل ما يقول ويقال في تبرير هذه الهجمة الوحشية التي ترقى الى جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب موصوفة التي ترتكب بحق الشعبين السوري والعراقي (دع عنك الفلسطيني والليبي , ومَنْ هو على الطريق للوقوع في شِباك هذه الهجمة القذرة).. والتي وان كانت قد اصابها الإعياء والإرهاق, وفشلت طوال خمس سنوات من عمر النكبة السورية (واكثر من عقد على المأساة العراقية), إلاّ انها لم تستسلم... بعد, ولم يستخلص «أصحابها» الدروس والعِبر، بل هم يُجدّدون طرائق واشكال واساليب مؤامرتهم, التي لا تتغير أهدافها بتغير الاشخاص أوطرد الوكلاءوالأدوات او.. ركلهم, على النحو الذي حدث مع»أطياف» المعارضات السورية, المختلفة النشأة والاستيلاد والمهمات المُوكَلة اليها، بدءا من برهان غليون ومجلسه الوطني الذي لم يُدفن بعد, وليس انتهاء بـ»جثة» إئتلاف رياض حجاب واسعد الزعبي، وهناك ايضا «بعض» من دول الاقليم, التي تسند اليها واشنطن مهمات تحسب تلك العواصم الاقليمية انها تمنحها اهمية ودورا، لكنها ــ لفرط سذاجتها وضحالة خيال نُخبِها السياسية والدبلوماسية ـــ تكتشف بعد ان يتم «استعمالها»، انها مجرد دُمى أو بيادق على رقعة شطرنج, يحرّكها المُستعمِرون القدامى خدمة لمصالحهم أولاً ودائماً.

فهل سيختلف «مستقبل» فرسان وثوّار الائتلاف السوري؟عن المآل الذي آل إليه مصير من قَدّْموا مصالحهم, على مصالح... بلدِهم وشعبِهم؟.

(الرأي2016-10-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات