الساحة السياسية لم تكتشف نفسها بعد

تم نشره الأربعاء 26 تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:10 صباحاً
الساحة السياسية لم تكتشف نفسها بعد
ابراهيم غرايبة

"الواقع الخارجي المتعيّن يعكس فكرة داخلية" (هيغل).

يبدو صعبا، إن لم يكن مستحيلا، فهم العمل السياسي الأردني؛ سواء في الفضاء الرسمي أو المجتمعي والثقافي أو الحزبي أو التيارات السياسية والفكرية. إذ لا يقدم تيار سياسي نفسه كما يتسمى، بل تبدو الأفكار والأهداف النظرية أحيانا غير مستمدة من وعي ذاتي للفكرة والعمل، وتبدو المواقف والممارسات العامة والمعلنة للتيارات غير مفهومة وغير متوقعة. السلطة السياسية والتيارات والجماعات السياسية والفكرية منشغلة عن شغلها وأفكارها المفترضة، بما ليس شغلها أو منسجما مع فلسفتها المنشئة، بل وبما ليس شغلا!

فالحكومة تؤمم الدين والثقافة، وتخصخص التعليم والصحة. وجماعات "الإسلام السياسي" تنشئ فهما للدين والسياسة ليس دينا ولا سياسة؛ فتلحق ضررا بهما، بدلا من أن تمنح الأفراد والمجتمعات والسياسة بعدا روحيا يزيد دورها الاجتماعي والإصلاحي، وتخوض معارك وبرامج ومواقف وهمية أو يمكن تلافيها. ثم صارت مثل أهل "حجر الفلاسفة" الذين حولوا العلم إلى سحر وشعوذة، يقدمون الحجب والتعاويذ لكل مسألة أو مشكلة ولكل من يطلبها. وتحولت في دورها ومواقفها واتجاهاتها مثل العمالة السائبة التي تبحث عن أي عمل، وتؤشر لكل سيارة عابرة بدوار الواحة!

وكثير من الليبراليين المفترض أن تشغلهم العقلانية الاجتماعية والأخلاقية المنشئة لمنظومة سياسية ثقافية تنظم العلاقة بين الفرد والدولة والمجتمع على أساس من حرية الإنسان وقدرته على إدراك الحق والخير والجمال، على نحو يؤدي بطبيعة الحال الى العدالة والمبادرات الفردية، لا يشغلهم (هؤلاء الليبراليون) من ذلك شيء؛ عندما يكونون في السلطة يحولون المؤسسات إلى شركات إقطاعية، وخارج السياسة لا يرون شغلا لهم سوى مخاصمة الإسلاميين، ولو أدى ذلك الى تحالفات سياسية واجتماعية مضادة تماما لأفكارهم ومبادئهم.

واليساريون المفترض أن تشغلهم العدالة الاجتماعية وسياسات اقتصادية تحمي المجتمعات والطبقات ودولة راعية للعدالة والتقدم، يشغلهم عموماً الاحتجاج بشأن قضايا لا تقدم ولا تؤخر، ويمضون في تحالفات واتجاهات لا معنى لها في الفكر اليساري المفترض؛ نضالهم مستمد من ولاية الفقيه ولا يعرفون شيئا عن ماركس.

والمحافظون المفترض أن تشغلهم حماية المؤسسات العامة والاجتماعية وسيادتها ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هم أكثر من اشتغل بتفكيك المؤسسات وإضعافها وبيعها ثم شرائها.

والفئات والطبقات الاجتماعية من أهل الآداب والفنون والبحث والتعليم والنشر والأعمال والمهن والمدن والشركات والأسواق والمصالح المفترض أن تستمد دورها ووجودها من ازدهار المدن وأعمالها وتحسين الحياة وتعظيم الموارد، تبدو مشغولة باحتفالات غيبية ومواقف عدمية، والتداوي ببول الإبل، وإنتاج وتسويق سلع وخدمات مغشوشة ومجهولة، وهي تعمل بلا تقاليد أو ثقة كأنها تنافس بائعي الإشارات الضوئية، والاحتجاج والدعاء فيما لا يضر ولا ينفع.

والأحزاب السياسية.. هاه! الأحزاب السياسية؟ نعم، نعم، توجد أحزاب سياسية كثيرة في البلد، إذ يشتهر الأردن بكثرة الأحزاب السياسية والمواقع الأثرية الخربة والمدمرة!

(الغد2016-10-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات